رحلة اثام ل منال سالم كاملة
المحتويات
إنه يخلف من واحدة زيي فقيرة من حي شعبي فمافيش داعي تكبر الحكاية وتعمله موضوع مهم.
استشاطت نظراته أكثر ومع ذلك لم تكف عن إفراغ ما في جعبتها صاحت معترفة له بلا احتراز
وأهو حصل وحملت منك...
لكن ما لبث أن غلف نبرتها القليل من الندم وهي تقول
وكانت غلطة ومش غلطة سهلة نهائي!
حملق فيها بتحفز فاستمرت تضيف بعزم مناقض لما كانت عليه قبل لحظة من شعور بالأسف
أشار لها بسبابته مرددا
في نزعة تملكية متعنتة
برضوه القرار ده مش بمزاجك.
اندهشت من معارضته للأمر رغم يقينها أنه ضد مسألة الحمل برمتها فكيف لشخص مثله أن ينجب طفلا يصبح فيما بعد نسخة منه ومنها هي تحديدا أهو يسخر منها أم يتعمد استفزازها لتخرج أسوأ ما فيها تحيرت في أمره وسألته بتشنج
إنت عاوز مني إيه بالظبط
قولتلك طلقني وسبني لحال سبيلي.
امتدت يده فجأة لتقبض على فكها أسره بين أصابعه قائلا باستمتاع مغيظ لها
لسه مزهقتش منك!
ضړبت قبضته پعنف لتتمكن من تخليص فكها ثم منحته هذه النظرة الاحتقارية وهي تخاطبه في حدة متزايدة
ثم هرولت مبتعدة عنه وراحت تكور قبضتيها لتلكم بها أسفل معدتها بلكمات متعاقبة في عڼف مختلط بالعصبية وصړاخها يتضاعف
أهوو .. أهوو مش عاوزة أفضل معاك.
تفاجأ بما تفعله واندفع تجاهها دون لتفكير ليمسك بها من معصميها صائحا في استنكار جلي
إنتي اټجننتي
ردت عليه بهدير صارخ وهي تتلوى بكامل جسدها لتتخلص منه
استحقرته بنظرتها قبل أن تواصل إخباره بما أطبق على صدرها وفاض من قلبها
عملت إيه في دنيتي عشان ربنا يبتليني بحد زيك
اشټعل وجهه من اعترافاتها المتوالية على رأسه ومع ذلك تعامل معها بهدوء واستمر في تقييده لها مانعا إياها من إيذاء ما تحمله في أحشائها. استاءت من تحجيمه لها من وأده لأي مقاومة تبديها فلم يبق لها إلا الصړاخ اليائس لذا أخذت تنعته بالوصف الملائم له
أدارها في لمح البصر وألصقها بظهره ثم لف ذراعيها حولها وأحكم تشديد قبضتيه القويتين عليها لتصبح أكثر عجزا عن التحرر منه مما استثار أعصابها على الأخير وجعلها في أوج ثورتها الانفعالية.
لم يكن بحاجة إلى دعوة شخصية للقدوم إلى بيته في أي وقت لطالما اعتبر مكان إقامته هو منزله لذا وفر على نفسه عناء الاتصال به على الهاتف الأرضي وإخباره بمجيئه خاصة بعد زواجه فقد أراد رؤية الوضع على حقيقته بين الزوجين فمن منظوره لا تزال اللعبة قائمة ولم تحسم بعد. عليه فقط أن يتحين اللحظة المناسبة للانقضاض عليها واقتناصها. ما إن صف سيارته بالخارج حتى وصل إليه ضجيج متداخل لشجار ناشب بين الاثنين أسرع في خطاه دافعا الباب الذي كان لا يزال مفتوحا بيده اقتحم البهو متسائلا في استنكار
أبصره وهو مقيد لزوجته بكلتا يديه فخطا تجاهه مسلطا نظره بالكامل على تهاني التي لم تكف عن الصړاخ الهائج
ابعد عني بقى.
اهتاجت وخرجت عن السيطرة بارتفاع نبرتها المتشنجة
حرام عليك أنا تعبت عاوز إيه مني
كما بلغت ثورة ڠضبها العنان راحت تخمد مرة واحدة بشكل يدعو للقلق والخۏف غشيت فجأة وفقدت وعيها ودموعها لا تزال مسالة على وجهها شعر مهاب بتراخي جسدها وثقلها عليه للحظة شعر بالتعاطف معها وهتف يناديها
تهاني!
بحذر وحرص قام بحملها بين ذراعيه متجها بها إلى غرفته ومن ورائه ممدوح يسأله مستفهما
إنت عملت فيها إيه
أجاب بوجه مكفهر
ولا حاجة.
علق عليه بجدية
أظن إنك وصلتها لاڼهيار عصبي.
لم يبد مستعدا لسماع سخافاته وزوجته تعاني من تبعات نوبة انفعال عڼيفة مددها على فراشه بتريث فسحب ممدوح الغطاء ليساعده في تغطيتها بعدما ضبط لها الوسادة لتسند رأسها عليه. وقف كلاهما يتطلعان إليها بنظرات جمعت بين الحيرة والتوتر. مرر ممدوح يده بين خصلات شعره مقترحا
الأفضل إننا نحاول
نشوفلها حاجة مهدئة.
اعترض عليه في تجهم
مش هينفع.
سأله بابتسامة ساخطة
مستخسر فيها العلاج مش للدرجادي يا دكتور.
رمقه بهذه النظرة المستهجنة قبل أن يقول بتردد ملحوظ
لأ .. بس آ..
أبدى ممدوح اهتمامه الكامل لسماعه فصدمه بما لم يطرأ على باله
تهاني طلعت حامل.
بهتت ملامحه تماما وهو يعلق في ذهول شديد
بتقول إيه
كان بحاجة للخروج من البيت بعدما أزعجه هذا الشعور باحتمالية خسارة شيء يخصه رغم عدم امتلاكه فعليا له لكنه يعود إليه أصله منسوب منه. ترك مهاب زوجته الغافلة في رعاية ممرضة مسئولة عنها بالإضافة إلى خادمة لتولي شئونها جلس كعادته في واحد من المطاعم الراقية بصحبة رفيقه الذي لم يكف عن معرفة تفاصيل ما غاب عنه فمنحه ما يريد وأفضى له بكل شيء وكأنه يزيح بذلك هذا الثقل الجاثم على صدره. طالعه ممدوح بنظرات عادية قبل أن يجود عليه بما اعتبرها نصيحته الثمينة
وإيه المشكلة إنها تكون حامل سهل جدا تنزله.
غامت ملامحه وأظلمت نظراته في احتجاج صامت على اقتراحه غير المبالي بينما استمر ممدوح في كلامه وهو يتفرس بتدقيق معني في أدنى تغيير يطرأ على صديقه كأنما يتأكد من شيء بعينه جعل الشكوك تبزغ بداخله
مش حاجة مهمة تخاف منها.
هتف ضاربا بيده السطح الزجاجي للطاولة معترضا عليه
أنا اللي أقرر!
استغرب من تحيزه معقبا بتشكيك متزايد
ما إنت ياما نمت مع ستات كتير.
رد عليه في صوت أجش
بس دي مراتي.
جاء تعليقه باردا للغاية
ورقة سهل تتلغى في أي لحظة.
ازدادت تعابيره سوادا فأيقن أنه على وشك التأكد مما يشك فيه لهذا لم يطل في المماطلة وسأله مباشرة ليعرف نواياه ناحيتها
ولا إنت عاوزها تكمل حمل
راوغه في الرد وقال بتشديد وهو يشير له بإصبعه
بعدين هشوف بس دلوقتي أنا عاوزك تاخد بالك منها وتراقبها الفترة اللي أنا مسافر فيها اعرفي دماغها فيها إيه.
بالرغم من المساوئ المشتركة لكليهما إلا أن رابط صداقتهما لم يتزعزع فوثق فيه مهاب دونا عن غيره ليكلفه بهذا الأمر العجيب الذي يلغي أي حدود في العلاقات الأسرية ذات الطابع الخصوصي وكأنه أمر متاح وعادي. قطب ممدوح جبينه متسائلا بفضول قليل
رايح فين
بعد زفرة سريعة جاوبه
فؤاد باشا باعتلي واضح كده إنه شم خبر بجوازي من تهاني.
ضحك في مرح قبل أن يشير بيده معتذرا ليخبره
قوله بتسلى شوية.
لم يبد مسترخيا في جلسته حين قال
أنا عارف هتصرف معاه إزاي!
عادت نظراته لتشرد قبل أن يهمهم بقلق غريب
بس اللي شاغل دماغي تهاني مش عاوزها تنزل الجنين.
تعجب أكثر لأحواله المتبدلة وأردف محاولا فهم ما يدور في رأسه
أنا مستغربك بصراحة لو كانت واحدة تانية مكانها كنت أجبرتها تجهض.
أعاد صياغة ما قاله مؤكدا له
بالظبط أنا اللي أتحكم فيها مش العكس!
ما زال أمره يحيره وجملته الأخيرة مجرد ستار زائف لإخفاء ما لا يريد البوح به أوهمه أنه اقتنع بما أفصح عنه وردد في ترحيب
متقلقش أنا موجود وهسد مكانك.
تسليتها المتاحة كانت في تمضية نهارها بقضاء العالق من المشاوير وتبادل الأحاديث العابرة مع الجيران وصل بها المطاف بعد جولة لا بأس بها بالسوق إلى الجمعية الاستهلاكية فوقفت بالصف وانتظرت دورها بصبر طويل في البداية لم تعبأ أفكار بالثرثرة النسائية المحيطة بها إلى أن قامت اثنتان بالحديث عن أمر بعينه شعرت في قرارة نفسها أنه يخص ابنة شقيقتها أرهفت السمع لإحداهما وهي تسترسل بوقاحة
يا ختي بيقولوا شيلوا أخوه الليلة لأنهم ماشيين مع بعض في الحړام.
ردت عليها الأخرى في نبرة مستنكرة
يادي الحوسة.
انقبض قلب أفكار في توجس مرتاع وحاولت قدر المستطاع ألا تعلق بشيء بينما أضافت الأولى من جديد
في استحقار كأنما تتعمد إثارة البلبلة والمزيد من اللغط بنشر الأكاذيب غير الحقيقية
ولما الحكاية اتكشفت حاولوا يلموها.
مصمصت الثانية شفتيها مرددة في استهجان مشمئز
الله يسترها على ولايانا.
أضافت المرأة الأولى مرة ثانية في شيء من الإهانة المتعمدة قاصدة بذلك أن تسمع أفكار ذلك الكلام اللئيم
ناس بجحة وعينها قادرة.
ردت عليها الأخرى تؤيدها
على رأيك الناس دول الشرف عندهم مايسواش نكلة!
صرت أفكار على أسنانها في غيظ وتوعدتهما في سرها
آخ يا ولاد ال ... بكرة تندموا على كلامكم ال ... ده!!
حينما استعادت وعيها كانت تشعر وكأن عشرات المطارق تدق في رأسها تأوهت من الألم الذي ما زال مصاحبا لها أحست بإجهاد غريب ينتشر في كامل جسدها وكأنها قد بذلت مجهودا عجيبا فاق طاقتها بكثير. نهضت تهاني عن الفراش بعدما ألقت نظرة متأنية مصحوبة بالدهشة لمحتوياتها أدركت أنها لم تكن ماكثة بغرفتها وإنما بحجرة هذا الوضيع الذي يتلذذ بإيذائها معنويا ونفسيا. خرجت منها في الحال قاصدة الاتجاه إلى غرفتها لكن استوقفها وجود هذا الضيف الغريب الماكث بالردهة وكأنه صاحب مكان. استنكرت تواجده وسألته وهي تضبط بيديها شعرها المهوش وثيابها غير المهندمة
إنت بتعمل إيه هنا
ترك المجلة التي كان يطالعها جانبا ثم نهض واقفا ليلقي عليها التحية متمتما بودية واضحة
حمدلله على سلامتك يا دكتورة.
كانت غير راضية عن أريحيته المتجاوزة معها فتساءلت في تحفز متجاهلة مظهرها غير اللائق لاستقباله
فين مهاب
أجابها ببساطة وهو يدنو منها
سافر.
زوت ما بين حاجبيها مرددة باستغراب يشوبه الاستنكار
سافر
هز رأسه مؤكدا عليها ما سمعته منه سرعان ما انفعلت هاتفة في صوت أقرب للصړاخ
أه طبعا ما أنا وجودي زي عدمه هفرق معاه في إيه
في التو جاءت الممرضة من الداخل تطلب منها وهي تمد ذراعها ناحيتها
دكتورة تهاني من فضلك اهدي أنا التعليمات آ...
قاطعتها في عصبية
مش عايزة حد يقرب مني.
تدخل ممدوح قائلا في روية وقد أشار للممرضة ليصرفها
مافيش داعي للزعيق احنا عاوزين تكوني هادية عشان صحتك...
استجابت له الممرضة في طاعة وغادرت فأتم ممدوح جملته بترقب
وصحة اللي في بطنك.
تلقائيا وضعت يدها على أسفل معدتها تتحسسها بارتعاش ثم صړخت في نفور وقد أبعدت يدها في الحال
أنا مش عاوزة حاجة تربطني بيه هنزله.
بنفس أسلوبه السهل اللين تقدم ناحيتها أكثر ثم رفع كفه أمام وجهها قائلا بتفهم
اللي إنتي عاوزاه هيتعمل بس بالهدوء مش بالعصبية.
حدجته بهذه النظرة القاتمة قبل أن تسأله في نبرة تلومه
كنت عارف إنه كده
تنحنح مرددا بجدية شابت نبرته
أنا حاولت أحذرك.
تذكرت هذا اللقاء معه في القارب المستأجر فضړبت جبينها بيدها هاتفة في ندم
وأنا زي الغبية مشيت ورا الأوهام.
عندما استبد بها ڠضبها انعكس تأثيره السلبي عليها أحست بقليل من الدوار يصيبها فسارت نحو أقرب أريكة وارتمت عليها تجمعت الدموع في عينيها وهي تسترسل بلا توقف
افتكرت إنها فرصة العمر لما أتجوز واحد زيه عنده اسمه وشهرته وعيلة كبيرة كنت بضحك على نفسي وآ...
جلس مجاورا لها وقاطعها في تريث
تسمحيلي أخدك أخرجك برا شوية تغيري جو.
استغربت من اقتراحه المريب ورفضته في صوت مستهجن
مش عاوزة.
أوشك ممدوح أن يراهن نفسه بقدرته على ترجيح كفة الميزان
متابعة القراءة