الماڤيا والحب ل منال سالم من الاول الى الثالث والعشرون
المحتويات
تجتاحني وتراجعت بعيدا عنه لأستدير ناظرة لهذا البار المقارب للواجهة يبدو أن اختيار وضعه في هذا الركن لإكمال مشهد الجمال المبهر مع تذوق الأجود من الخمور. وقفت أتأمل قنينات الخمر المرصوصة بعناية على الأرفف اقتربت من واحدة لأنظر إلى تاريخ صنعها تفاجأت أنها تعود لعشرات العقود. افترت شفتاي عن دهشة وأنا أتساءل
وضعتها بحرص في مكانها وأكملت تجولي في المنزل لأكتشف باقي الغرف بروية فالوقت هنا يسير ببطء ممل ولا أظن أنه سيمر سريعا.
فقدت العد تقريبا وأنا أجلس على المقعد الوثير أضغط على زر إنارة المصباح قبل أن أطفئه من جديد لأكرر نفس الحركة الرتيبة بعد أن مكثت لساعات طويلة بمفردي معزولة فعليا عن الجميع. سئمت من الانتظار غير المجدي وحين رفعت هاتف السماعة لأتصل بالاستقبال جاء الرد الرسمي بأن ما ينقصني سيتم إرساله فورا إلي لكن لا معلومات متوفرة لديهم عن فيجو.
اتجهت للسرير ولم أمسه وقفت أنظر إليه في ربكة
متوترة فما زالت كلمات فيجو ترن في أذني إن حملت منه طفلا سيقتله هذا إن استسلمت إليه وأسلمته نفسي. ابتعدت عنه لأعاود الجلوس على المقعد أنظر عبر النافذة إلى الإضاءات المتحركة للسيارات من هذا البعد. انقضى الليل علي وأنا على نفس الوضعية انتظر وانتظر وانتظر لا شيء أفعله سوى الانتظار إلى أن غفوت في مكاني أفقت فجأة على صوت الخادمة حين هزتني برفق لتكلمني بهمس
انتفضت في ارتباك قبل أن أتمالك نفسي نظرت من طرف عيني لوجهها المبتسم القريب مني طردت النوم من طرفي وسألتها بكسل
كم الساعة الآن
أجابتني وهي تعتدل في وقفتها لتبدو أكثر رسمية في التعامل معي
إنها الحادية عشر ظهرا.
تمطيت بذراعي متمتمة
يا إلهي هل نمت كل هذه المدة
كيف دخلت إلى هنا
أخبرتني وهي مطرقة لرأسها
رغم أن لا ذنب لديها إلا أني استنكرت تصرفها ورددت بين جنبات نفسي
بالطبع فأنا مسجونة هنا في قفص زجاجي واسع.
فركت وجهي بيدي وسألتها
هل جاء فيجو
كان ردها واضحا
لا خبر لدي.
تقوس ثغري بغير رضا وانتقلت لسؤالي التالي في تذمر
إذا لا تعلمين إن كانت والدتي وآن قد عادتا للخارج!
أخبرتني بتردد محسوس في صوتها
قاطعتها قبل أن تتم جملتها قائلة بحنق بدأ في الاندلاع بداخلي
مفهوم.
اتجهت إلى غرفة الثياب وعقلي يتساءل
ترى ما الذي حدث لهما
سألتني الخادمة لتوقفني عن متابعة طريقي
هل أعد لك الحمام سيدتي
أومأت برأسي قائلة
حسنا.
ولجت لداخل الحجرة كوسيلة للفرار المؤقت من الحرج الظاهر علي كزوجة محتجزة لا تعلم أي شيء عن زوجها أو عائلتها. أطلقت زفرة طويلة ولساني يردد
رغبتي لتناول الطعام اختفت مع الأخبار المنقوصة فاكتفيت بتبديل ثيابي والاستعداد للخروج ربما العودة للقصر قد تمنحني الفرصة لمعرفة ما أجهله. تغاضيت عن نظرات الخادمة المتعجبة وسرت في خطى ثابتة نحو الباب ما إن فتحته حتى وجدت الحارس الضخم يسد الباب بجسده سألني بعد أن رمقني في نظرة مليئة بالاستغراب
أتريدين شيئا سيدتي
صحت به في صوت آمر
تنحى جانبا أريد الخروج.
قال بما اعتبرته إهانة لي
غير مسموح لك.
اتسعت حدقتاي في صدمة وسألته باستهجان شديد
ما الذي تقوله هل تمنعني من الذهاب
حمحم قائلا برسمية بحتة
سيدتي ليس لدي أوامر بتركك تذهبين إلى أي مكان.
اشتط ڠضبا وغيظا على الأخير وهدرت به بټهديد أرعن
ابتعد وإلا سأقتلك.
من فضلك عودي للداخل لا تجعليني اتخذ أسلوبا جافا معك ولدي الأوامر بهذا.
ازدت ڠضبا على ڠضب وصحت فيه بحدة
من أنت لتخاطبني هكذا
سيدتي تعالي معي.
صممت على التشاجر مع الحارس وتضاعف انفعالي وأنا أصرخ به پجنون
اللعڼة عليك وعلى سيدك من تظن نفسك لتمنعني هيا أخبرني من أنت
وضعت الخادمة يديها على كتفي لتحاول إعادتي للخلف وهي تطلب مني برجاء مهذب
اهدئي سيدتي.
اغتظت من تدخلها المزعج فصړخت بها هي الأخرى وأنا أنفض يديها عني
لا تضعي يدك علي.
رفعت كفيها للأعلى مبدية اعتذارها النادم
أنا أسفة لكن لا داعي للڠضب سيدتي الأمر لا يستحق.
عدت في خطى عصبية للداخل لأمسك بالمزهرية المصنوعة من الكريستال وصوتي يرن عاليا
بل إنه يستحق.
أطبقت عليها بأصابعي ثم اتجهت إلى الحارس لأقذفه بها تفاداها بإعجوبة فاستغليت الفرصة لأركله في ركبته وأنا أواصل صړاخي
هيا ابتعد.
أوقفني بالإمساك بي من ذراعي وهو يقول بلا أدنى شعور بالألم جراء ضرباتي الخرقاء
سيدتي أنا مضطر لإدخالك بالقوة.
حقا أجاد فيجو إحضار حراسه فهم محصنون ضد الألم والأڈى قادرون على تحمل الضړب بلا شكوى وجدته يشدني للداخل في خشونة وأنا أكور قبضتي لأضربه بها في كتفه وصوت لعناتي يسبقني
اللعڼة عليك دعني يا وضيع.
دفعني في
قسۏة نحو البار طالبا مني وهو يبرز حامل أسلحته لأرتعد
رجاء ابق هنا.
لم أكترث بتهديده المراوغ وقلت في تحد
سأجعلك ټندم يا حقېر.
نظرت إلي الخادمة في قلق ودنت مني قائلة
سيدتي.
أشرت لها لئلا تقترب وصوتي الغاضب يحذرها
لا تلمسيني أنت الأخرى.
اللعڼة عليك فيجو سترى حين تعود لن تظل غائبا طوال الوقت !!
يتبع الفصل التالي
الثالث والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
كنت أقرب إلى قطعة أثاث متروكة بإهمال في منزل باهظ الثمن اشتراها أصحابه للتفاخر وتركوها بعد أن تلاشت الرغبة في انتقائها كم أبغض هذا الشعور المقيت بالتجاهل والإنكار! مضت ثلاثة ليال وأنا لا أزال أمكث بمفردي الخادمة تلازمني نهارا ومع هبوط الليل أبقى وحيدة أحادث الفراغ إلى أن أغفو من إحساسي العجيب بالتعب والإرهاق رغم أني لا أفعل ما يستدعي هذا الشعور. المريب في الأمر أن معظم الوقت كنت أبدو كسلى يغلبني النعاس فاقدة للنشاط على عكس طبيعتي الحماسية وكأن أحدهم يضع لي مثبطا لأصبح هكذا ولا استبعد حدوث ذلك! من أجل تحجيم ڠضبي من حبسي هكذا والسيطرة على نوبات هياجي.
في اليوم الرابع تحديدا قررت العزوف عن تناول الطعام أو الشراب لأتأكد من شكوكي بهذا الشأن أريد أن أكون في كامل وعيي وطاقتي فقد احتاج إليها إن حدثت المواجهة المتوقعة اندهشت من إلحاح الخادمة المستريب وهي تعاود تكرار الأمر علي كل نصف ساعة
سيدتي ألن تتناولي الطعام
بفتور ظاهر على محياي أخبرتها
لا أريد.
أصرت على طلبها قائلة بتهذيب
ولكن إنها أصنافك المفضلة لقد أعددتها خصيصا لأجل إسعادك.
صحت في عصبية
قلت لك لا أريد هيا اذهبي.
سألتني في حذر
هل أحضر لك شرابا
هدرت بها
لا ألا تسمعي بوضوح اذهبي!
لم تجد بدا من الانسحاب وقالت في طاعة
حسنا.
قررت مراقبتها عن كثب دون أن تنتبه لي لأكشف ما تفعله خلسة صحت شكوكي عندما سمعتها تهاتف أحدهم في خفوت وهي تاركة لباب الحمام موارب قليلا
سيدي إنها لا تريد ماذا أفعل معها
صمتت للحظات لتتابع بعدها
كما تأمر سأحاول من جديد.
حين استدارت لتخرج تفاجأت بي في انتظارها ظهر التلبك على محياها وسألتني بربكة
أتريدين شيئا سيدتي
أمرتها في صوت صارم والشرر يتطاير من عيني
اطلبي رئيسك فورا!
حاولت التغطية على كشف أمرها فأسرعت بتلفيق كڈبة غير مرتبة
ولكن أنا كنت أتحدث مع آ...
قاطعتها بصوتي الهادر وأنا أشير بإصبعي محذرة
لا تكذبي لقد سمعتك تكلميه.
تجمدت نظراتها الحائرة علي فأمرتها مرة ثانية بټهديد صريح
اطلبيه وإلا سأقتلك.
لم تعرف ماذا تفعل فالمفاجأة قد أربكت تفكيرها لهذا اضطرت رغما عنها أن ترضخ لي وقامت بالاتصال ب فيجو والذي كنت متأكدة أنه لن يتردد في الإجابة على مكالمتها. نظرت إلي الخادمة بتوتر ورأيت كيف بدأت في التعرق وهي تخاطبه
سيدي آسفة لإزعاجك ولكن آ...
اختطفت الهاتف عنوة من على أذنها لأكمل في هدير حانق للغاية
ربما نسيت وسط مهامك الكبرى يا زعيم أن لديك زوجة.
جاء رده باردا سمجا كالمعتاد
لست متفرغا لهرائك.
كنت في أوج غيظي وضيقي وفاقدة للقدرة على ضبط انفعالاتي لهذا تركت العنان لڠضبي فاڼفجرت صائحة به بنبرة شبه احتقارية وأنا أسير نحو غرفة النوم
اسمعني يا هذا...
تحركت بعيدا عن الخادمة رغم يقيني أنها تتبعني كظلي لأكمل صياحي المهدد
إن لم تأت اليوم إلى هنا سألقي بنفسي من الشرفة.
يبدو أنه استخف بټهديدي فعلق مقتضبا
حقا
صړخت في انفعال أشد ووجهي يشتعل بحمرته الحانقة
اقسم لك أني لا أمزح لقد سئمت من كل شيء فلا مانع إن تخلصت من حياتي وأظن أنك لن تحزن أبدا فلا داعي لإطالة مدة العڈاب هذه دون جدوى لكلينا.
قال في عبثية استفزتني
أكل هذا لغيابي عنك عدة أيام
من يظن نفسه ليتوهم أني لا أطيق صبرا لبعاده لعڼته بين ڠضبي
أنت وقح.
لم أسمع ما يقوله على الطرف الآخر حيث استدرت لأواجه الخادمة ثم ألقيت لها بالهاتف لأشير لها بسبابتي وأنا أطردها بوقاحة
اخرجي لا أريد رؤية وجهك.
تطلعت إلي بتردد فأعدت الأمر بټهديد شديد اللهجة
هيا من هنا اغربي عن وجهي وإلا سألقي
بك قبلي.
يبدو أنها خشيت من تهوري الجامح فانسحبت في التو مغادرة المنزل لأبقى في قمة عصبيتي بمفردي وهذه الأفكار السوداوية تراودني لأقوم بتنفيذها في الحال قبل أن يفكر في لمسي خاصة مع إبقاء نظراتي معلقة بالشرفة المفتوحة.
بغيظ مكبوت حدقت في الباب حين فتح بعد مرور ساعتين لأجد فيجو يدخل منه إلى البهو بعد غياب قارب الأربعة أيام كنت متأهبة لمواجهته وأرتدي ثيابا ملائمة لذهابي إن دعت الحاجة لذلك فيما عدا الحذاء فضلت أن أبقى حافية القدمين. في البداية رمقني بنظرة مطولة غريبة طافت على ثوبي الأسود إلى أن تجمدت لهنيهة على أصابع قدمي لم تكن ثيابي لدرجة لفت الأنظار بل أقرب إلى الرسمية ومع ذلك ظل يطالعني مليا ولم ينبس بكلمة واحدة فبادلته نظرة ڼارية حانقة إنه بارع في استفزازي ببروده وصمته المتقن. طاردته بنظراتي وهو ما زال محافظا على صمته وكذلك نظراته المرتكزة علي.
توقعت أن يبدأ بالحديث لكنه لاذ بالسكوت منحني نظرة أخرى جافة قبل أن يستدير متجها نحو غرفة النوم وكأنه لم يفعل شيئا. تبعت خطواته متسائلة في صوت مشحون ينم عن ڠضبي المندلع
أين كنت طوال هذه المدة
قال في جفاء يحمل اللوم
أرى أنك بخير لم يكن هناك داع للتصرف بهذه الحماقة.
صحت به في عصبية مبررة
ألا يحق لي الڠضب لحبسي هنا في هذا المكان اللعېن ولن أتحدث عن تخديرك لي طوال الأيام الماضية.
الټفت ناحيتي وهو ينزع عنه سترته ليظهر حامل الأسلحة الجلدي ثم قال محذرا
اسمعي أنا لم أنم منذ عدة أيام وكنت مشغولا بحل بعض الأمور الهامة فلا تجعليني انشغل بك حاليا.
رأيت بقع على قميصه الأبيض فانقبض قلبي تلقائيا ومع ذلك تمسكت بصمودي الزائف لأطلب منه في حدة
وأنا لا أريد الانشغال بك مطلقا أريد الذهاب من هنا.
أزاح عنه حامل السلاح وبدأ في حل أزرار قميصه ليخبرني بنفس النبرة المحذرة
أنت زوجتي
متابعة القراءة