قصة بن زي يزن
وجحلا والمقوم وضرارا وأبا لهب واسمه عبد العزى وصفية وأم حكيم البيضاء وعاتكة وأميمة وأروى وبرة .
فأم العباس وضرار نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر وهو الضحيان بن سعد بن الخزرج بن تيم
اللات بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
ويقال أفصى بن دعمي بن جديلة . وأم حمزة والمقوم وجحل وكان يلقب بالغيداق لكثرة خيره وسعة ماله وصفية هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي .
وأم أبي لهب لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر بن حبشية ابن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي.
وذكر أم العباس وهي نتيلة بنت جناب بن كليب وهي من بني عامر الذي يعرف بالضحيان وكان من ملوك ربيعة وقد ذكرنا في خبر تبع أنها أول من كسا البيت الديباج وذكرنا سبب ذلك ونزيد هاهنا ما ذكره الماوردي قال أول من كسا البيت الديباج خالد بن جعفر بن كلاب أخذ لطيمة من البز وأخذ فيها أنماطا فعلقھا على الكعبة وأم نتيلة أم حجر أو أم كرز بنت الأزب من بني بكيل من همدان وهي نتيلة بتاء منقوطة باثنتين وهي تصغير نتلة واحدة النتل وهم بيض النعام وبعضهم يصحفها بثاء مثلثة .
محمد بن عبدم عشت بعيش أنعم
في دولة ومغنم دام سجيس الأزلم
وبنته ضباعة كانت تحت المقداد. وعبد الله ابنه مذكور في الصحابة رضي الله عنهم وكان الزبير رضي الله عنه يكنى أبا الطاهر بابنه الطاهر وكان من أظرف فتيان قريش وبه سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه الطاهر. وأخبر الزبير عن ظالم كان بمكة أنه ماټ فقال بأي عقۏبة كان مۏته فقيل ماټ حتف أنفه فقال وإن فلا بد من يوم ينصف الله فيه المظلومين ففي هذا دليل على إقراره بالبعث.
أوصيك يا عبد مناف بعدي بمؤتم بعد أبيه فرد
ماټ أبوه وهو حلف المهد
وذكر أبا لهب واسمه عبد العزى وكني أبا لهب لإشراق وجهه وكان تقدمة من الله تعالى لما صار إليه من اللهب وأمه لبنى بنت هاجر بكسر الجيم من بني ضاطرة بضاد منقوطة . واللبنى في اللغة شيء يتميع من بعض الشجر قاله أبو حنيفة . ويقال لبعضه الميعة والدودم مثل اللبنى يسيل من السمر غير أنه أحمر فيقال حاضت السمرة إذا رشح ذلك منها .
ولما طال البلاء من الحبشة على أھل اليمن خرج سيف بن ذي يزن الحميري من الأذواء بقية ذلك السلف وعقب أولئك
الملوك وديال الدولة المفوض للخمود. وقد ثان أبرھة انتزع منه زوجته ريحانة وبعد أن ولدت منه ابنه معد يكرب كما مر.
نسبه فيما قال الكلبي سيف بن ذي يزن بن عافر بن أسلم بن زيد بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد الجمھور. ھكذا نسبه ابن الكلبي ومالك بن زيد ھو أبو الأذواء. فخرج سيف وقدم على قيصر ملك الروم وشكى إليه أمر الحبشة وطلب أن يخرجھم ويبعث على اليمن من شاء من الروم فلم يسعفه عن الحبشة وقال الحبشة على دين النصارى. فرجع إلى كسرى
وقدم الحيرة على النعمان بن المنذر عامل فارس على الحيرة وما يليھا من أرض العرب فشكى إليه واستمھله النعمان إلى حين وفادته على كسرى وأوفد معه وسأله النصر على الحبشة وأن يكون ملك اليمن له. فقال بعدت أرضك عن أرضنا أو ھي قليلة الخير إنما ھي شاء وبعير ولا حاجة لنا بذلك ثم كساه وأجازه فنثر دنانير الإجازة ونھبھا الناس يوھم الغنى. عنھا بما في أرضه فأنكر عليه كسرى ذلك فقال جبال أرضي ذھب وفضة وإنما جئت لتمنعني من الظلم فرغب كسرى في ذلك وأمھله للنظر في أمره وشاور أھل دولته. فقالوا في سجونك رجال حبستھم للقتل ابعثھم معه فإن ھلكوا كان الذي أردت بھم وإن ملكوا كان ملكا ازددته إلى ملكك وأحصوا ثمانمائة وقدم عليھم أفضلھم وأعظمھم بيتا وأكبرھم نسبا وكان وھزر الديلمي.
وعند المسعودي وھشام بن محمد السھيلي أن كسرى وعده بالنصر ولم ينصره وشغل بحرب الروم وھلك سيف بن ذي
يزن عنده وكبر ابنه ابن ريحانة وھو معديكرب وعرفته أمه بأبيه فخرج ووفد على كسرى يستنجزه في النصرة التي وعد بھا أباه. وقال له أنا ابن الشيخ اليمني الذي وعدته فوھبه الدنانير ونثرھا إلى آخر القصة. وقيل أن الذي وفد على كسرى وأباد الحبشة ھو النعمان بن قيس بن عبيد بن سيف بن ذي يزن. قالوا ولما كتبت الفرس مع وھزر وكانوا ثمانمائة وقال ابن قتيبة كانوا سبعة آلاف وخمسمائة وقال ابن حزم كان وھزر من عقب جاماسب عم أنو شروان فأمره على أصحابه وركبوا البحر ثمان سفائن فڠرقت منھا سفينتان وخلصت ست إلى ساحل عدن. فلما نزلوا بأرض اليمن قال وھزر لسيف ما عندك قال ما شئت من قوس عربي ورجلي مع رجلك حتى نظفر أو ڼموت. قال أنصفت وجمع ابن ذي يزن من استطاع من قومه وسار إليه مسروق بن أبرھة في مائة ألف من الحبشة وأوباش اليمن فتوافقوا للحرب وأمر وھزر ابنه أن يناوشھم للقتال فقتلوه وأحفظه ذلك. وقال أروني ملكھم فأروه إياه على الفيل عليه تاج وبين عينيه ياقوتة حمراء. ثم نزل عن الفيل إلى الفرس ثم إلى البغلة. فقال وھزر ركب بنت الحمار ذل وذل ملكه. ثم رماه بسھم فصك الياقوتة بين عينيه وتغلغل في دماغه وتنكس عن دابته وداروا به فحمل القوم عليھم وانھزم الحبشة في كل وجهوأقبل وھزر إلى صنعاء ولما أتى بابھا قال لا تدخل رايتي منكوسة فھدم الباب ودخل ناصبا رايته فملك اليمن ونفى عنھا الحبشة. وكتب بذلك إلى كسرى وبعث إليه بالأموال. فكتب إليه أن يملك سيف بن ذي يزن على اليمن على فريضة يؤديھا كل عام ففعل. وانصرف وھزر إلى كسرى. وملك سيف اليمن وكان أبوه من ملوكھا. وخلف وھزر نائبا على اليمن في جماعة من الفرس ضمھم إليه وجعله لنظر ابن ذي يزن وأنزله بصنعاء. وانفرد ابن ذي يزن بسلطانه ونزل قصر الملك وھو رأس غمدان يقال أن الضحاك بناه على اسم الزھرة وھو أحد البيوت السبعة الموضوعة على أسماء الكواكب وروحانيتھا خرب في خلافة عثمان. قاله المسعودي. وقال السھيلي كانت صنعاء تسمى أوال وصنعاء اسم بانيھا صنعاء بن أوال بن عمير بن عابر بن شالخ. ولما استقل ابن ذي يزن بملك اليمن وفدت العرب عليه يھنوه بالملك لما رجع من سلطان قومه وأباد من عدوھم وكان فيمن وفد عليه مشيخة قريش وعظماء العرب لعھدھم من أبناء إسماعيل وأھل بيتھم المنصوب لحجھم فوفدوا في عشرة من رؤسائھم فيھم عبد المطلب فأعظمھم سيف وأجلھم وأوجب لھم حقھم ووفر من ذلك قسم عبد المطلب من بينھم. وسأله عن بنيه حتى ذكر
له شأن النبي صلى لله عليه وسلم وكفالته إياه بعد مۏت عبد لله أبيه عاشر ولد عبد المطلب فأوصاه به وحضه على
الإبلاغ في القيام عليه والتحفظ به من اليھود وغيرھم. وأسر إليه البشرى بنبوته وظھور قريش قومھم على جميع العرب.
وأسنى جوائز ھذا الوفد بما يدل على شرف الدولة وعظمھا لبعد غايتھا في الھمة وعلو نظرھا في كرامة الوفد وبقاء آثار
الترف في الصبابة شاھد لشرافة الحال في الأول. ذكر صاحب الأعلام وغيره أنه أجاز سائر الوفد بمائة من الإبل وعشرة
أعبد وعشرة وصائف وعشرة أرطال من الورق والذھب وكرش ملىء من العنبر وأضعاف ذلك بعشرة أمثاله لعبد المطلب.
قال ابن إسحق ولما انصرف وھزر إلى كسرى غزا سيف على الحبشة وجعل پقتل ويبقر بطون النساء حتى إذا لم يبق إلا
القليل جعلھم خولا واتخذ منھم طوابير يسعون بين يديه بالحراب وعظم خوفھم منه. فخرج يوما وھم يسعون بين يديه فلما
توسطھم وقد انفردوا به عن الناس رموه بالحراب فقتلوه ووثب رجل منھم على الملك. وقيل ركب خليفة وھزر فيمن معه من المسلحة واستلحم الحبشة وبلغ ذلك كسرى فبعث وھزر في أربعة آلاف من الفرس
وأمره پقتل كل أسود أو منتسب إلى أسود ولو جعدا قططا ففعل. وقتل الحبشة حيث كانوا. وكتب بذلك إلى كسرى فأمره على اليمن فكان يجبيه له حتى ھلك.
واستضافت حشابة ملك الحميريين بعد مھلك ابن ذي يزن وأھل بيته إلى الفرس وورثوا ملك العرب وسلطان حمير باليمن بعد أن كانوا يزاحمونھم بالمناكب في عراقھم ويجوسونھم بالغزو خلال ديارھم. ولم يبق للعرب
في الملك رسم ولا طلل إلا أقيالا من حمير وقحطان رؤساء في أحيائھم بالبدو لا تعرف لھم طاعة ولا ينفذ لھم في غير ذاتھم أمر إلا ما كان لكھلان إخوتھم بأرض العرب من ملك آل المنذر من لخم على الحيرة والعراق بتولية فارس وملك آل جفنة من غسان على الشام بتولية آل قيصر كما يأتي في أخبارھم.
وقال الطبري لما كانت اليمن لكسرى بعث إلى سرنديب من الھند قائدا من قواده ركب إليھاالبحر في جند كثيف فقتل ملكھا واستولى عليھا وحمل إلى كسرى منھا أموالا عظيمة وجواھر. وكان وھزر يبعث العير إلى كسرى بالأموال والطيوب فتمر على طريق البحرين تارة وعلى أرض الحجاز أخرى. وعدا بنو تميم في بعض الأيام على عيره بطريق البحرين فكتب إلى عامله بالإنتقام منھم فقتل منھم خلقا كما يأتي في أخبار كسرى. وعدا بنو كنانة على عيره بطريق الحجاز حين مرت بھم وكانت في جوار رجل من أشراف العرب من قيس فكانت حرب الفجار بين قيس وكنانة بسبب ذلك. وشھدھا النبي صلى لله عليه وسلم وكان ينبل فيھا على أعمامه أي يجمع لھم النبل.
قال الطبري ولما ھلك وھزر أمر كسرى من بعده على اليمن ابنه المرزبان ثم ھلك فأمر حافده خرخسرو بن التيجان بن المرزبان. ثم سخط عليه وحمل إليه مقيدا ثم أجاره ابن كسرى وخلى سبيله فعزله كسرى وولى باذان فلم يزل إلى أن كانت البعثة وأسلم باذان وفشا الإسلام باليمن كما نذكره عند ذكر الھجرة وأخبار الإسلام باليمن. ھذا آخر الخبر عن ملوك التبابعة من اليمن ومن ملك بعدھم من الفرس. وكان عدد ملوكھم فيما قال المسعودي سبعة وثلاثين ملكا في مدة ثلاث آلاف ومائتي سنة إلا عشر ا. وقيل أقل من ذلك. فكانوا ينزلون مدينة ظفار قال السھيلي زمار وظفار اسمان لمدينة واحدة يقال بناھا مالك بن أبرھة وھو الأ ملوك ويسمى مالك وھو ابن ذي المنار وكان على بابھا مكتوب بالقلم الأول في حجر أسود
يوم شيدت ظفار فقيل لمن أنت فقالت لخير الأخيار
ثم سيلت من بعد ذلك قالت أن ملكي احابش الأشرار
ثم سيلت من بعد ذلك قالت أن ملكي لفارس الأحرار
ثم سيلت من بعد ذلك قالت أن ملكى لقريش التجار
ثم سيلت من بعد ذلك قالت أن ملكي لخير سنجار
وقليلا ما يلبث القوم فيھا غير تشييدھا لحامي البوار
من أسود يلقيھم البحر فيھا تشعل الڼار في أعالي الجدار
ولم تزل مدينة ظفار ھذه منزلا للملوك وكذلك في الإسلام صدر الدولتين وكانت اليمن من أرفع الولايات عندھم بما كانت منازل العرب العاربة ودار الملوك العظماء من التبابعة والاقيال والعباھلة. ولما انقضى الكلام في أخبار حمير وملوكھم باليمن من العرب استدعى الكلام ذكر معاصريھم من العجم على شرط كتابنا لنستوعب أخبار الخليقة ونميز حال ھذا الجيل العربي من جميع جھاته والأمم المشاھير من العجم الذين كانت لھم الدول العظيمة لعھد الطبقة الأولى والثانية من العرب وھم النبط والسريانيون أھل بابل ثم الجرامقة أھل الموصل ثم القبط ثم بنو إسرائيل والفرس ويونان والروم فلنأت الآن بما كان لھم من الملك والدولة وبعض أخبارھم على اختصار. ولله ولى العون والتوفيق لا رب غيره ولا مأمول إلا خيره.