قصة بن زي يزن
المحتويات
ويبعث إليهم من شاء من الروم فيكون له ملك اليمن فلم يشكه .
شفاعة النعمان لدى كسرى
فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر وهو عامل كسرى على الحيرة وما يليها من أرض العراق فشكا إليه أمر الحبشة فقال له النعمان إن لي على كسرى وفادة في كل عام فأقم حتى يكون ذلك ففعل ثم خرج معه فأدخله على كسرى وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه مثل القنقل العظيم فيما يزعمون يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوى في مجلسه كشفت عنه الثياب فلا يراه رجل لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك.
قال ابن هشام حدثني أبو عبيدة أن سيفا لما دخل عليه طأطأ رأسه فقال الملك إن هذا الأحمق يدخل علي من هذا الباب الطويل ثم يطأطئ رأسه فقيل ذلك لسيف فقال إنما فعلت هذا لهمي لأنه يضيق عنه كل شيء.
قال ابن إسحاق ثم قال له أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة فقال له كسرى أي الأغربة الحبشة أم السند فقال بل الحبشة فجئتك لتنصرني ويكون ملك بلادي لك قال بعدت بلادك مع قلة خيرها فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب لا حاجة لي بذلك ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف وكساه كسوة حسنة فلما قبض ذلك منه سيف خرج فجعل ينثر ذلك الورق للناس فبلغ ذلك الملك فقال إن لهذا لشأنا ثم بعث إليه فقال عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس فقال وما أصنع بهذا ما جبال أرضي التي چثت منها إلا ذهب وفضة يرغبه فيها
سيف بن ذي يزن وكسرى وذكر سيف بن ذي يزن وخبره مع النعمان وكسرى وقد ذكرنا قصته في أول حديث الحبشة وأنه ماټ عند كسرى وقام ابنه مقامه في الطلب وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجح وهو
ما لك لا تجرفها بالقنقل لا خير في الكمأة إن لم تفعل
وفي الغربيين للهروي القنقل مكيال يسع ثلاثة وثلاثين منا ولم يذكر كم المنا وأحسبه وزن رطلين وهذا التاج قد أتى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين استلب من يزدجرد بن شهريار تصير إليه من قبل جده أنوشروان المذكور فلما أتى به عمر رضي الله عنه دعا سراقة بن مالك المدلجي فحلاه بأسورة كسرى وجعل التاج على رأسه وقال له قل الحمد لله الذي نزع تاج كسرى ملك الأملاك من رأسه ووضعه في رأس أعرابي من بني مدلج وذلك بعز الإسلام وبركته لا بقوتنا وإنما خص عمر سراقة بهذا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قال له يا سراق كيف بك إذا وضع تاج كسرى على رأسك وإسواره في يديك أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
واستعمل عليهم رجلا يقال له وهرز وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا فخرجوا في ثمان سفائن فڠرقت سفينتان ووصل إلى ساحل عدن ست
سفائن فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له رجلي مع رجلك حتى ڼموت جميعا أو نظفر جميعا . قال له وهرز أنصفت وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن وجمع إليه جنده فأرسل إليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر قتالهم فقتل ابن وهرز فزاده ذلك حنقا عليهم فلما تواقف الناس على مصافهم قال وهرز أروني ملكهم فقالوا له أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء قال نعم قالوا ذاك ملكهم فقال اتركوه قال فوقفوا طويلا ثم قال علام هو قالوا قد تحول على الفرس قال اتركوه . فوقفوا طويلا ثم قال علام هو قالوا قد تحول على البغلة . قال وهرز بنت الحمار ذل وذل ملكه إني سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتم القوم قد استداروا ولاثوا به فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم . ثم وتر قوسه وكانت فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها وأمر بحاجبيه فعصبا له ثم رماه فصك الياقوتة التي بين عينيه فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه
يظن الناس بالملكين أنهما قد التأما
ومن يسمع بلأمهما فإن الخطب قد فقما
قتلنا القيل مسروقا وروينا الكثيب دما
يذوق مشعشعا حتى يفيء السبي والنعما
قال ابن هشام وهذه الأبيات في أبيات له. وأنشدني خلاد بن قرة السدوسي آخرها بيتا لأعشى بني قيس بن ثعلبة في قصيدة له وغيره من أهل العلم بالشعر ينكرها له.
وذكر قدوم سيف مع وهرز على صنعاء في ستمائة وقد قدمنا قول ابن قتيبة أنهم كانوا سبعة آلاف وخمسمائة وانضافت إليهم قبائل من العرب.
صنعاء
وذكر دخول وهرز صنعاء وهدمه بابها وإنما كانت تسمى قبل ذلك أوال.
قال ابن الكلبي وسميت صنعاء لقول وهرز حين ډخلها صنعة صنعة يريد أن الحبشة أحكمت صنعها قال ابن مقبل يذكر أوال
وكأنها سفن بسيف أوال عمد الحداة بها لعارض قرية
وقال جرير
وشبهت الحدوج غداة قو سفين الهند روح من أوالا
وقال الأخطل
خوص كأن شكيمهن معلق بقنا ردينة أو جذوع أوال
وقد قيل إن صنعاء اسم الذي بناها وهو صنعاء بن أوال بن عبير بن عابر بن شالخ فكانت تعرف تارة بأوال وتارة بصنعاء.
قال ابن إسحاق وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي قال ابن هشام وتروى لأمية بن أبي الصلت
ريم في البحر للأعداء أحوالا ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن
فلم يجد عنده بعض الذي سالا يمم قيصر لما حان رحلته
من السنين يهين النفس والمالا ثم انثنى نحو كسرى بعد عاشرة
إنك عمري لقد أسرعت قلقالا متى أتى ببني الأحرار يحملهم
لله درهم من عصبة خرجوا ما إن أرى لهم في الناس أمثالا
بيضا مرازبة غلبا أساورة أسدا تربب في الغيضات أشبالا
بزمخر يعجل المرمي إعجالا يرمون عن شدف كأنها غبط
أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد أضحى شريدهم في الأرض فلالا
فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا في رأس غمدان دارا منك محلالا
وأسبل اليوم في برديك إسبالا واشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا تلك المكارم لا قعبان من لبن
قال ابن هشام هذا ما صح له مما روى ابن إسحاق منها إلا آخرها بيتا قوله
تلك المكارم لا قعبان من لبن
فإنه للنابغة الجعدي. واسمه حبان بن عبد الله بن قيس أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن في قصيدة له .
قال ابن إسحاق وقال عدي بن زيد الحيرى وكان أحد بني تميم . قال ابن هشام ثم أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم ويقال عدي من العباد من أهل الحيرة
ما بعد صنعاء كان يعمرها
ولاة ملك جزل مواهبها
رفعها من بنى لدى قزع ال
مزن وتندى مسكا محاربها
محفوفة بالجبال دون عرى ال
كائد ما ترتقى غواربها
يأنس فيها صوت النهام إذا
جاوبها بالعشي قاصبها
ساقت إليه الأسباب جند بني الأح
رار فرسانها مواكبها
وفوزت بالبغال توسق بال
حتف وتسعى بها توالبها
حتى رآها الأقوال من طرف ال
منقل مخضرة كتائبها
يوم ينادون آل بربر وال
يكسوم لا يفلحن هاربها
وكان يوم باقي الحديث وزا
لت إمة ثابت مراتبها
وبدل الفيج بالزرافة والأيا
م جون جم عجائبها
بعد بني تبع نخاورة
قد اطمأنت بها مرازبها
قال ابن هشام وهذه الأبيات في قصيدة له . وأنشدني أبو زيد الأنصاري ورواه لي عن المفضل الضبي قوله يوم
ينادن آل بربر واليكسوم
وهذا الذي عنى سطيح بقوله يليه إرم ذي يزن يخرج عليهم من عدن فلا يترك أحدا منهم باليمن ?. والذي عنى شق بقوله غلام ليس بدني ولا مدن
يخرج عليهم من بيت ذي يزن
شرح لامية ابن أبي الصلت
وقوله في شعر أمية بن أبي الصلت ريم في البحر. أي أقام فيه ومنه الروايم وهي الأثافي كذلك وجدته في حاشية الشيخ التي عارضها بكتابي أبي الوليد الوقشي ? وهو عندي غلط لأن الروايم من رأمت إذا عطفت وريم ليس من رأم وإنما هو من الريم وهو الدرج أو من الريم الذي هو الزيادة والفضل أو من رام يريم إذا برح كأنه يريد غاب زمانا وأحوالا ثم رجع للأعداء وارتقى في درجات المجد أحوالا إن كان من الريم الذي هو الدرج ووجدته في غير هذا الكتاب خيم مكان ريم فهذا معناه أقام . وقوله عمري. أراد لعمري وقد قال الطائي
عمري لقد نصح الزمان وإنه لمن العجائب ناصح لا يشفق
وقوله أسرعت قلقالا بفتح القاف وكسرها وكقول الآخر وقلقل يبغي العز كل مقلقل وهي شدة الحركة.
وقوله يرمون عن شدف كأنها غبط الشدف الشخص ويجمع على شدف ولم يرد ههنا إلا القسي وليس شدف جمعا لشدف وإنما هو جمع شدوف وهو النشيط المرح يقال شدف فهو شدف ثم تقول شدوف كما تقول مروح وقد يستعار المرح والنشاط للقسي لحسن تأتيها وجودة رميها وإصابتها وإنما احتجنا إلى هذا التأويل لأن فعلا لا يجمع على فعل إلا وثن ووثن فإن قلت فيجمع على فعول مثل أسود فتقول شدوف ثم تجمع الجمع
متابعة القراءة