إمرأة العقاپ بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز


مرار الكرام 
مع تمام الساعة العاشرة مساءا 
خرجت من الحمام بعد أن أخذت حمامها المسائي وعقلها شارد بأكثر من شيء مختلف تحركت باتجاه المرآة ووقفت أمامها تجفف شعرها وتقوم بتسريحه وبلحظة شرودها قذفت في ذهنها جملة والدها لها مطلقتكيش منه عشان بيحبك وهو قالي وطلب مني اديله فرصة يصلح علاقته بيكي توقفت يداها عن تسريح شعرها وجعلت تنظر لانعكاس وجهها في المرآة بتفكير فاسترجع عقلها بعض مشاهدهم معا تبحث بأي منهم عن حب خفي يضمره لها في أعماقه لكنه لم يشعرها بأي من شيء بل حتى أنه أخبرها بوضوح أنه لا يحبها ولا تزال حتى الآن تتذكر تلك اللحظة بالتفصيل

صړخة عڼيفة خرجت منها وهي تصيح به 
_ أنا زهقت من تهميشك ليا وكأني مش موجودة ياعدنان 
رد عليها بتعجب 
_ تهميش !!
جلنار بصياح وانفعال هادر 
_ أيوة مبقتش قادرة استحمل اكون على الرف تاني وأنا عارفة كويس أوي إنك مش بتحبني ومتنكرش وتقول إني بحبك
مرت لحظة وهو يمعن النظر فيها بسكون حتى هتف بقسۏة دون أن يشعر 
_ لا مش هنكر يا جلنار وإنتي كمان متنسيش سبب جوازنا
توقفت عاصفتها فجأة وهدأت معالم وجهها الثائرة وظهر شبح ابتسامتها المنكسرة على ثغرها تهتف بعينان متلألأة بالعبارات 
_ يعني معترف إنك مش بتحبني
صاح بها بعصبية وصوت رجولي غليظ 
_ عايزاني اقولك إيه يعني وإنتي كل ما تشوفيني تقوليلي الكلام ده تهميش ومعتبرني مش موجودة ومش مهتم بيا ومعرفش إيه أنا مبقتش فاهم إنتي عايزة إيه بظبط
غامت عيناها بالدموع من جفائه لكنها استعادت رباطة جأشها وردت عليه بثبات وقوة 
_ عايزة اتطلق وده قرار نهائي ومفيش رجعة منه عشان كل حاجة انتهت وأنا وإنت مينفعش نكمل اكتر من كدا مع بعض
عادت لواقعها ووجهها ممتليء بالدموع أخذت تنظر لنفسها في المرآة وبالأخير هزمت أمام آلامها فاڼفجرت باكية بحړقة وأسى ېمزق قلبها إلى أربا هي فقط أرادت حياة هادئة وسعيدة تنعم بها مع رجل يعشقها ولكنها لم تحصل على أي منهم أعطت دون مقابل وهي الآن التي تعاني فقدان جزء من قلبها 
سمعت صوت طرق الباب وابنتها تهتف من خلف الباب 
_ مامي افتحي الباب
اعتدلت فورا في جلستها وجففت دموعها جيدا وعادت لطبيعتها الشامخة المعتادة ثم
اتجهت نحو الباب وفتحت لصغيرتها التي دخلت وتطلعت لها بعينان يائسة وهي تسأل 
_ هو ليه بابي مجاش امبارح والنهارده تمان كمان !
جلنار بنبرة عادية وهي تهز كتفيها بجهل 
_ معرفش ياحبيبتي يمكن معاه شغل ولما يخلصه هيجي 
_ طيب أنا عايزة اكلمه !
تنهدت جلنار بقوة واصدرت زفيرا حارا ثم انحنت لمستوى ابنتها وحملتها على ذراعيها هاتفة بنعومة محاولة تغير الموضوع 
_ أنا كلمته ومكنش بيرد عليا هو لما يفضى هيكلمنا المهم إيه رأيك نروح نتفرج كرتون حلو على TV
اماءت لأمها بالموافقة في وجه عابس وسارت بها جلنار للخارج نحو التلفاز وجلسا على الأريكة ثم بدأو بمشاهدة أحدى قنوات الأطفال 
خرجت نادين من باب المنزل ثم تلفتت حولها في الحديقة تبحث عنه لكن لا أثر له تحركت وهي تجوب الحديقة بنظرات دقيقة على أمل أن تعثر عليه يجلس في أحد الأركان بمفرده وإذا بها تلمح ضوء خاڤت منبعث من غرفة خلفية في الحديقة لديها باب خشبي ضخم ! تقدمت نحوها بخطوات بطيئة ثم وقفت أمام الباب وحاولت النظر من فتحات الباب الخشبية علها ترى شيء ولكنها لم تتمكن من رؤية شيء مدت يدها وفتحت الباب بهدوء شديد وهي تدخل جزء من رأسها تلقي نظرة متفحصة أولا في المكان حتى ترى إذا كان هو من يجلس هنا أم لا وبالفعل وجدته يجلس على أريكة عريضة وكلاسيكية جميلة وأمامه شاشة تلفاز ضخمة أشبه بشاشة السينما غضنت حاجبيها بحيرة
ثم دخلت بخطوات هادئة تماما كصوتها 
_ حاتم !!
الټفت لها برأسه فور سماعه لصوتها وابتسم لها بدفء يهتف وهو يشير لها بأن تقترب وتنضم له 
_ تعالي يا نادين
بادلته الابتسامة لكن بأخرى كلها ريبة وسارت إليه ثم جلست بجواره فوق الأريكة وهدرت بتعجب 
_ شو اللي مقعدك وحدك هيك !
لاحظت العبوس على ملامحه وهو يبتسم لها بمرارة ثم يعود بنظره للشاشة ويتمتم بصوت خاڤت وحزين 
_ من وقت ۏفاة بابا وماما اللي يرحمهم وأنا مدخلتش الأوضة دي كل ما آجي البيت مش بقدر ادخلها وبعد تفكير طويل دخلتها النهارده أخيرا بعد خمس سنين متخيلة
_ لشو كانت هاي الأوضة !
سألته بفضول واهتمام بعد أن رأت العبوس والحزم على محياه بينما هو فأخذ نفسا عميقا ورد عليها پألم 
_ بابا كان أغلب الوقت مشغول ومش بيعرف يقعد معانا فماما اقترحت إننا نعمل الأوضة دي وكنا كل خميس
بليل بنقعد كلنا هنا كعائلة نتفرج ونلعب ونهزر وكان في قوانين إن بابا بيقفل تلفونه تماما في الوقت ده عشان محدش يزعج جلستنا في الوقت ده كنت أنا لسا في الابتدائي ولغاية ما وصلت للثانوي واحنا كنا مواظبين على العادة
 

تم نسخ الرابط