إمرأة العقاپ بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز


بخبث قاصدا كل حرف يتفوه به 
_ طبيعي ميردش عليكي أنا كلمته ورد عليا عادي وطالما قالك تعتذري منها يبقى كان جاد في كلامه وخصوصا إنه عمره ما طلب منك حاجة زي كدا فأنا برأى تروحي وتعتذري من جلنار يا ست الكل بدل ما تخسري عدنان بجد
ارتبكت
وتوترت من كلماته وبالأخص الأخيرة هل حقا قد تخسر ابنها بسبب اعتذار على خطأ اقترفته مستحيل أن تسمح لابنة الرازي بأن تنجح في هذا أيضا 

عقلها مشغول بالتفكير منذ الصباح في تصرفها بالأمس لم يكن عليها أن تضعف له لكنها انصاعت خلف صوت قلبها كالمتغيبة بالتأكيد سيظن أن بعد ما فعلته أنها سامحته ولكن هيهات فما حدث لم يكن سوى لحظة ضعف منها وقد عادت مرة أخرى لسابقها 
تجلس على الأريكة الهزازة بحديقة المنزل تمسك بكتاب تحاول القراءة ولكن عقلها لا يسمح لها !! وأمامها تلعب صغيرتها على العشب الأخضر تضع طاولة صغيرة ومقعد بلاستيك أمام الطاولة تجلس عليه وفوق الطاولة تضع العاب المطبخ البلاستيكية خاصتها وعلى الجانب الآخر دميتها المفضلة تلعب باندماج وسعادة لكن جلنار التفتت برأسها لليسار عندما رأت ابنتها تثب واقفة من مقعدها وتركض في ذلك الاتجاه صائحة 
_ جدو 
تطلعت جلنار لأبيها في جمود دون أن تلقى التحية عليه حتى وتابعته وهو يتحدث مع هنا بحنو يهتف 
_ عاملة إيه يا أميرة جدو 
هنا بابتسامة تسرق القلب 
_ كويسة ياجدو 
نشأت بغمزة مشاكسة وحب 
_ جبتلك معايا لعبة حلوة أوي 
انتبهت ليده التي يخفيها عن انظارها خلف ظهره فوثبت فرحا وهتفت بحماس طفولي 
_ الله لعبة
أخرج يده من خلف ظهره لتظهر اللعبة عبارة عن دمية ضخمة
وجميلة من إحدى أميرات أفلام الكرتون المشهورة موضوعة داخل علبة كبيرة بالكاد تكفي حجمها جذبتها هنا من يد جدها وهي تصيح بدهشة وسعادة وسرعان ما ارتمت على جدها تعانقه بقوة وهو يضحك بحب ثم ابتعدت وهرولت ركضا تجاه أمها ترفع الدمية أمامها وتهتف 
_ بصي يامامي جدو جابلي إيه 
ابتسمت لها جلنار بحنان ومدت يدها تملس على شعرها وتتمتم بخفوت جميل 
_ جميلة ياحبيبتي قولي لجدو شكرا 
هنا بعفوية وحب طفولي صادق 
_ شكرا ياجدو إنت حبيبي 
ارتفعت ضحكته على مشاكسة حفيدته واقترب نحوها ينحنى على رأسها يطبع قبلة فوق شعرها ثم ابتعدت الصغيرة عنهم وانشغلت بإخراج دميتها الجديدة بينما نشأت فتوجه وجلس بجوار ابنته يهتف بأمل 
_ عاملة إيه ياجلنار 
جلنار بجفاء دون أن تنظر له 
_ كويسة 
نشأت بنظرات راجية 
_ مش كفاية
بقى يابنتي إنتي عمرك ما كنتي قاسېة كدا ياجلنار
ردت عليه بعدم تأثر بكلامه 
_ عايز تيجي تشوف هنا وتقعد معاها أنا معنديش مشكلة بس متنتظرش مني إني اسامحك 
نشأت بجدية ونبرة صارمة 
_ انا جاي مخصوص النهارده عشان اتكلم مع عدنان هصلح الغلط اللي عملته وهخليه يطلقك لو هو ده اللي هيخيليكي تصفيلي وتسامحيني مستعد اعمله يابنتي
طالت النظر في وجهه أبيها بصمت فمن المفترض أن تسعد لكنها لم تفعل استمرت في التحديق به حتى اشاحت بوجهها وقالت باقتضاب 
_ عدنان مش موجود راح الشغل
تنهد نشأت تنهيدة طويلة بيأس ثم قال في وعيد ابوي حاني وحقيقي 
_ كل اللي عايزاه ياجلنار هيتنفذ ياحبيبتي صدقيني وطالما مش مبسوطة معاه ومش بتحبيه هخليه يطلقك
لم تجيبه فقط استمرت في التحديق أمامها بشرود وتفكير وتتردد في أذنها كلمته مش بتحبيه ! لا لا هي بالفعل لا تحبه ومايقوله عقلها هو الصحيح ! 
في تمام الساعة الثانية ظهرا 
كانت تقوم بمراجعة الدروس لصغيرتها يجلسون في غرفتها الصغيرة ويذاكرون بتركيز شديد حتى قطع عليهم عدنان اندماجهم عندما فتح الباب ودخل فهبت هنا واقفة وركضت نحو أبيها ترتمي عليه بسعادة 
_ بابي حبيبي 
_ إنتي حبيبتي
اكتر 
قبلته هي الأخرى من وجنته برقة تليق بفمها الصغير والجميل فسمعت تأوها منه متلذذا يهتف بضحكة 
_ اوووخ واحدة هنا كمان 
خرج صوت جلنار الحازم قليلا وهي تهتف 
_ يلا ياهنا عشان نخلص ياحبيبتي بابا موجود بعد ما نخلص اقعدي براحتك معاه
علق نظره على جلنار بتدقيق فمنذ أن استيقظ بالصباح قبل أن يغادر كانت تتجاهله وتعامله ببرود وحتى الآن تستمر في تجاهله لم يكن ينتظر منها مسامحة بعد تصرفها اللطيف في الأمس لكنه ظن أنها ستلين له قليلا واتضح العكس
أصدر زفيرا طويلا بعدم حيلة ثم انزل صغيرته من فوق ذراعيه وهو يشير لها بعيناه أن تطيع كلام والدتها وتذهب لتكمل دورسها واقترب من جلنار بخطوات هادئة لينحنى عليها يمسك برأسها يلثم شعرها هي الأخرى بدفء مبتسما ثم ينتصب في وقفته ويستدير مغادرا الغرفة ويغلق الباب معه كما كان استمرت جلنار في التحديق على أثره ناحية الباب بشرود حتى انتشلتها هنا وهي تقول 
_ يلا يامامي 
عادت برأسها ناحية ابنتها واكملا معا من عند النقطة التي توقفا عندها 
دخلت غرفتها بعدما انتهت أخيرا مع ابنتها فرأته يخرج من الحمام دون أن يمسك بيده أي منشفة كالعادة يترك قطرات الماء تتساقط ف ابعدت نظرها عنه واتجهت نحو المرآة تقف
 

تم نسخ الرابط