إمرأة العقاپ بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز


تقول بهدوء مزيف 
_ قولتلي إنك رايح اجتماع شغل ومكنش شغل 
غضن حاجبيه بحيرة أشد وأردف بجدية تامة وثبات 
_ لا كان في اجتماع تبع الشغل فعلا 
خرجت عن إطار هدوئها وهتفت پغضب بسيط 
_ وكنت بتعمل إيه مع فريدة ! 
التزم الصمت متعجبا من معرفتها بما حدث وتابعت هي منفعلة 

_ ركبتها عربيتك ومشيت إنت وهي ! 
أخذ نفسا عميقا وقد تقوست معالم وجهه بحزم وقال بخشوع تام وغريب 
_ حصل وكنت رايح بيها على القسم عشان اخلص منها نهائي واسجنها بس نزلتها من العربية في نص الطريق وسبتها لما ليلى اتصلت بيا وقالتلي إنك
في الحريق ورجعت زي المچنون ليكي
لم تقتنع ولم تصدقه فقلبها يؤلمها وعقلها يؤنبها أنها سمحت بتلك الفرصة منذ البداية ابتسمت بسخرية وقالت 
_ إنت هتسجنها !!! 
مسح على وجهه بقوة وهتف پغضب وألم مماثل لها بعدما خرج هو أيضا عن الخشوع المزيف 
_ إنتي ليه مش عايزة تصدقي حبي ليكي !! فريدة ماضي مبقيش ليه وجود بنسبالي أساسا نسيته
ومسحته من دماغي وقلبي نهائي ولو اقدر ارجع بالزمن واغير الماضي كنت غيرته ومسحتها من حياتي في الماضي كمان
توقف للحظة ثم اقترب منها وثبت نظره عليها بعمق وهتف بنبرة منخفضة وصادقة 
_ إنتي الحاضر والمستقبل يا جلنار إنتي كل حاجة بنسبالي دلوقتي ومش عايز غيرك إنتي وبنتي جمبي بقيت بحبك بطريقة عمري
ما اتخيلت إني أحبك بيها الصبح لما حسيت للحظة إني ممكن اخسرك كنت هتجن ومش شايف قدامي من كتر الخۏف والقلق عليكي ارجوكي بلاش تسمحي للماضي اللي انتهى إنه يدمر حاضرنا ومستقبلنا
أبت النظر إليه لكن بعد رجائه ارغمها لا إراديا على النظر وحين تطلعت بعيناه في عمق لمحت لمعة غريبة تعبر عن دموعه المتحجرة بهم !!! 
_ الفصل الثامن والأربعون _
بصباح اليوم التالي داخل مكتبة ضخمة للكتب دخلت برفقته ووفقت تتفحصها بنظرها في دهشة من جمالها وضخامتها حتى انتشلها صوته الوديع مبتسما 
_ عجبتك 
التفتت برأسها إليه وقالت بذهول 
_ جميلة أوي يا رأفت إنت متأكد إن هو ده مكان الشغل اللي قولتلي عليه ! 
_ أكيد طبعا والأهم إن المكان عجبك 
اجابت مهرة بامتنان وعذوبة 
_ طبعا عجبني متشكرة جدا يا رأفت على مساعدتك دي طول عمرك جدع 
غمز
بمشاكسة وقال 
_ متشكرنيش اشكري سهيلة بما إنها هي اللي اتصلت بيا وقالتلي إنك بتدوري على شغل 
أماءت برأسها ضامة شفتيها بغيظ بسيط وتهتف 
_ سهيلة !! برضوا عملت اللي في دماغها مع إني نبهت عليها
رأفت باستغراب 
_ نبهتي عليها متكلمنيش !
هدرت بإيجاب ولطف 
_ هي اقترحت عليا اكلمك وأسألك بس أنا رفضت يعني مكنتش عايزة اتعبك معايا وكنت محرجة الصراحة بعد آخر موقف حصل في الكلية لكن هي عملت اللي في دماغها وكلمتك برضوا 
_ يااااه يامهرة إنتي لسا فاكرة الكلية ده أنا نسيت من زمان ده موضوع خلص خلاص وملوش لزمة بالنسبالي
_ الحمدلله أنا كنت خاېفة تكون لسا مضايق مني 
ابتسم لها بنظرات عميقة كإجابة على جملتها فبادلته هي الابتسامة لكن بأخرى صافية ونقية وهتفت بتلقائية 
_ طيب مش هتديني رقم صاحب المكتبة عشان أكلمه واتفق معاه امتى ابدأ في الشغل 
وضع قبضتيه في جيبي بنطاله واتسعت ابتسامته مجيبا بعبث 
_ براحتك تقدري تبدأي في أي وقت تحبيه 
غضنت حاجبيها بحيرة وقالت 
_ يابني ما صاحب المكان هو اللي هيحدد الكلام ده مش أنا
انطلقت شبه ضحكة خاڤتة منه ثم أكمل بمداعبة يؤكد جملته السابقة بطريقة مختلفة 
_ وصاحب المكان بيقولك براحتك 
مازالت لم تفهم تلمحياته حتى الآن فتابعت ببلاهة اضحكته 
_ هو إنت لحقت تسأله !!! 
رأفت بنظرات دافئة وسط ضحكته العذبة 
_ مهرة أنا صاحب المكان استوعبتي ولا لسا ! 
رمشت بجفنيها عدة مرات متتالية في دهشة واستغرقت لحظات حتى اردفت بعدم تصديق شبه ضاحكة 
_ بتهزر احلف !!
قهقه عاليا وقال مازحا 
_ لا مش بهزر 
عادت تتجول بعيناها في المكان كله من جديد كأنها تستوعب ما قاله للتو وأنه مالك تلك المكتب كلها ثم عادت بوجهها إليه مرة أخرى وهتفت ضاحكة بمشاكسة 
_ لا طالما بتاعتك يبقى براحتي فعلا 
_ لا والله
نكزته في كتفه ضاحكة وقالت 
_ خلاص متقفش علينا كدا هااا اقدر ابدأ من امتى بقى يا استاذ رأفت 
_ من النهارده ! 
مهرة پصدمة 
_ ايه ده انت بتتكلم جد ! هو آخر كلام بكرا وخير الأمور الوسط
سمعت صوت ضحكته العالية بعد جملتها وطالت نظرته الغريبة إليها قبل أن يشير لها أن تلحق به حتى يريها المكان بأكمله ويعلمها كل شيء وكيف ستتصرف !
تجلس فوق الفراش
وشاردة بذهنها في مساء الأمس تتذكر كيف انتهى حديثهم بعد كلماته الأخيرة رغم رجائه إلا أنها أبدت جفائها وعقلها لم يدعها تندفع خلف ذلك القلب السخيف من جديد حيث أنهت الحوار كله بعبارة واحدة ترد بها على كلماته الماضي هو السبب في اللي احنا فيه دلوقتي ياعدنان هو اللي وصلنا للنقطة دي وياعالم هيوصلنا لإيه تاني وبعدها فورا رحلت وتركته
لا تدري هل تصرفاتها صحيحة أم خطأ لكن رغما عنها لا تثق به فظهور
 

تم نسخ الرابط