صرخات انثى بقلم آية_محمد_رفعت
المحتويات
للخارج ثم عاد أدراجا ينادي
_عمران.
كاد باجتياز البوابة الخارجية للمنزل حينما استمع لصوت أخيه اقبل إليه يتساءل
_مش طالع ولا أيه
أحكم غلق جاكيت بذلته الآنيقة حينما داهمه التيار البارد وقال
_بقالي فترة مشوفتش الشباب هروح الشقة يمكن أشوف حد فيهم.
دث يده بجيب بنطاله وهو يشمله بنظرة متفحصة
أكد له سريعا
_علي أنا وعدتك مش هرجع للقرف ده تاني صدقني.
قال وهو يعود للداخل
_أتمنى..بلغهم سلامي لحد ما أقابلهم.
رفع جسده عن الأرض ليحتل سيارته المكشوفة
_يوصل يا مان.
قاد عمران سيارته ليصل بعد أقل من ثلاثون دقيقة للعمارة السكنية الراقية صفها بمحاذاة الطريق وصعد للأعلى يلهو بمفاتيحها وهو يدندن بصفارته الهادئة حتى وصل للطابق الخامس من المبنى دث مفتاحه وولج للداخل مبتسما متلهفا للقاء أصدقائه المقربون بحث بالغرف أولا وهو يتمنى لقاء أحدهما فانتبه للنور المضاء بالردهة أسرع إليها فتهللت أساريره وردد
استدار بمقعده القابل للحركة فمنحه نظرة خاطفة ثم عاد لجلسته يرتشف كوبه لأخره بجموح صعق عمران مما رآه فاجبر ساقيه على تتبعه رغما عن تثاقلها أصبح الآن قبالته لا يفصلهما سوى طاولة البار المطل على كورن مشروبات القهوة وغيرها فحمل الزجاجة الموضوعة أمامه بعدم استيعاب
_إنت جبت دي منين
ابتسم من يحتضن رأسه الثائرة بصداع قاس وقال
جذبه عمران بقوة كادت باسقاط جسده المترنح
_من أمته يا جمال وإنت بتشرب القرف ده ده إنت كنت بتعنفني لو بتشوفه معايا أيه جرالك
أزاح ذراعه عن قميصه وعاد يستند على البار ساكبا كوبا ويلتهمه غير عابئا بنظراته ولا بقميصه المبتل وكأنه ينتقم من نفسه هنا كز عمران على أسنانه پغضب فأبعد الزجاجة لأخر البار وصاح بعنفوان
ابتسم وهو يجيبه
_من النهاردة ولو نساني اللي بواجهه هدوام عليه زي ما إنت بتداوم عليه عشان تنسى مشاكلك.
مرت يده بخصلات شعره بتعصب شديد فسحب مقعد مجاور له وجلس يخبره بهدوء
_كنت بضحك على نفسي يا جمال السكر مش حل للي بنواجهه كفايا التقزز وكره النفس اللي هتحس بيه بعد ما تفوق ومفيش حاجه هتتسنى.
_مش مصدق انك اللي بتتكلم ما ياما بذلنا أنا وأخوك مجهود كبير معاك عشان تبطل جاي دلوقتي توعظني!
اتجهت نظراته البنية لهاتفه الجانبي الذي يعاد للرنين مجددا فجذبه جمال وأغلقه نهائيا ثم عاد يرتشف الكوب ببرود وزع عمران نظراته بين حالة رفيقه والهاتف ثم تساءل
ضحك وهو يجيبه ساخرا
_قصدك عاشر ومليون!
استمر بحديثه ليعلم ما به فقال
_ليه حصل أيه
لف المقعد ليكون مقابل إليه
_الست هانم من الفضى اللي بقى عندها هنا بقت بتشك فيا مفكرة إني بعرف واحدة عليها وكل يوم بتفتش في موبيلي.
وتابع ببسمة حملت حزنا وألما رغم تعمده الاستهزاء
_ده غير اسطوانة كل يوم عن تضحيتها العظيمة إنها سابت أهلها ومصر وجت عاشت معايا هنا في انجلترا شايفة نفسها بطلة ولازم أقدر انجازاتها!
وتجرع ما بكوبه وهو يشير له
_متعرفش إن لولا وجودي هنا وتعبي ليل نهار في الشغل مكنتش قدرت أحقق كل اللي وصلتله ولا كان باباها قبل بالجوازة دي من الأساس.
وتابع بغدافية جعلت دمعاته تبرز بحدقتيه
_متعرفش أنا موجوع أد أيه وأنا عايش هنا بقالي سبع سنين متغرب عن أهلي عشان أقدر أكونلها الزوج المناسب والابن اللي يقدر يتحمل مسؤولية أبوه وأمه متعرفش إني بمۏت ألف مرة وأنا بعيد عن عيلتي ونفسي أكون معاهم بس السنة اللي هفكر فيها أنزل مصر هي اللي هقرر أخوض رحلة العجز قدام مصاريف علاج والدتي ودراسة أخويا الصغير وجهاز أختي وأكون عاجز عن طلبات بيتي وأنا مش جاهز أتحمل كل ده يا عمران.
تدفقت دمعة خانت صموده المزيف وهو يبتسم بتهكم
_لما خلصت أوراقها من سنة كنت فاكرها جاية تشيل عني وتشاركني وحدتي فرحت وأنا بتخيل حياتي معاها وكنت متحمس أرجع شقتي ألقى حد مستنيني متحمس أرجع لحياة مريحة ألقى فيها أكل بيتي واهتمام بلبسي مقفش أنا أعمل أكلي لنفسي وأكل لوحدي.
واستدار برأسه إليه يخبره بضحكة مهزومة
_مكنتش أعرف إني هفتح ۏجع جديد ليا فوق أوجاعي وإني هتمنى ساعات الشغل تطول عشان مرجعش البيت لنكدها.
تفحص كوبه الفارغ بضجر واستمر بحديثه
_طلعت معاك حق يا عمران لما سبت مراتك وبصيت على واحدة تشوف مزاجك من غير ما تقلب حياتك نكد.
وناوله الكوب يشير إليه
_فرغلي كأس.
جذب عنه عمران الكوب وألقاه أرضا بكل قوته ثم رفعه من تلباب قميصه صارخا بعصبية
_فوق يا جمال القرف ده لو دخل حياتك هيدمرك أنا غلط وحياتي كلها غلط مش عايزك تكون زيي خليك نضيف زي ما أنت.
ترنح جسده بتعب فتمسك به عمران دون الافلات عن حديثه
_مشاكلك مع مراتك تافهة وتتحل شاركها وجعك هتحس بيك.
ومنحه نظرة ساخطة وهو يتابع
_ثم أنك اللي بتديها الفرصة لده أيه اللي مقعدك هنا لحد دلوقتي سيف قالي إنك بتبات هنا بقالك فترة ما طبيعي إنها تشك فيك!
مال برأسه على كتف عمران مغلق عينيه بارهاق
_أنا تعبان أوي يا عمران.
ضمھ عمران بحزن شديد لا يستوعب إن صديقه المثالي يترك طريقه المستقيم وينجرف للمحرمات فجأة بعدما كان يقضي يومه ينصحه بالابتعاد عن المشروب وعن ألكس اللعېنة كان ينفر من حديثه تارة ويحاول الاستماع له تارة أخرى.
يشعر دائما بأنه النسخة الشبيهة بأخيه علي لذا كان سببا منطقيا لحب علي لجمال ودوام صدقاتهما طوال تلك السنوات.
تحرر باب الشقة من جديد فاستمع عمران لخطوات تقترب منهما ألقى المفتاح جانبا ونزع عنه جاكيته وهو يتفحصهما بنظرة ساخطة اتبعت نبرته المرحة
_جمال في حضڼ عمران لأ قلبي الكبير مرحب بالأفكار المنحرفة.
وإتجه بقامته الممشقة للأريكة مضيفا
_في البلد دي نتوقع أي حاجة حقېرة!
دفع عمران جسد جمال للمقعد مجددا ثم اتجه ليجلس جواره مرددا باستغراب
_أيه جابك إنت كمان دلوقتي يا يوسف
سحب نفسا طويلا ورفع ساقيه ليستند بهما على الطاولة الزجاجية
_مفيش رجعت البيت متأخر كالعادة فالمدام قالتلي هتلاقيك كنت عند صحابك المقاطيع ومن هنا لهنا قالتلي روح بات عندهم يا دكتور يا محترم.
حل وثاق قميصه وهو يتابع
_بس كده فاتصلت بسيف أخويا أعرف منه مين من المقاطيع فيكم موجود عنده قالي إنه بره الشقة بيجيب شوية طلبات وميعرفش مين فثكم مشرف عنده النهاردة فجيت أبص وبيني وبينك زهقت من الخلقة اللي متعود أشوفها كل يوم.
قال كلماته وهو يشير على جمال الملقي رأسه على الطاولة.
رد عليه عمران بضيق
_البيه سايب بيته بقاله فترة ومقضيها هنا.
هز رأسه قائلا
_عارف عارف يا حبيبي ما أنا بجبله الأكل كل يوم وبتعاقب بتتضيف الشقة من سيف بيقولي ورايا امتحانات ومش فاضي لهلس صحابك.
اختنق عمران فحرر جرفاته ونظراته لا تغادر جمال بحزن بينما تركزت نظرات يوسف المتفحصة له فسأله
_هو نام هنا ليه ما يقوم يدخل أوضته.
التقطت عينيه زجاجة الخمر الموضوعة جانبا فزفر بسخط
_خمرة تاني يا عمران إنت مبتحرمش!
سدده بنظرة حادة فابتسم ساخرا
_أنا لسه داخل قدامك من شوية واتفاجأت بالبيه أخد مكاني.
جحظت عينيه في صدمة حقيقية فاعتدل بجلسته المريحة وهو يردد بعدم تصديق
_إنت تقصد مين
انتصب واقفا بدهشة
_لأ.. جمال مستحيل يعمل كده!!
وأسرع إليه فأبعده عن الطاولة بعصبية بالغة
_قوووم فوقلي.
دفعه جمال وعاد يلقي برأسه على الطاولة من جديد مرددا
_بعدين يا يوسف سبني.
اشټعل الڠضب بمقلتيه فبحث عما يعاونه بافاقته فسحب الاناء الممتليء بالثلج ودفعه إليه بأكمله انتفض جمال بجلسته وصاح
_إنت غبي يالا بقولك تعبان وجسمي كله مكسر تحدفني بالتلج!
طرق على صدره وجذبه ليقف أمام عينيه الملتهبة
_أقسم بالله يا جمال لو متعدلت لاډفنك هنا سيف كان بيشتكيلي منك بس أنا متوقعتش إن أمورك توصل لهنا.
فتح عينيه وهو يجيبه بمزح
_ليه يا دكتور كنت فاكر حالتي هتكون أخرها أيه يعني ما أنا سبق وحكيلك.
تماسك الأ يطيح به وقال برزانة
_يا جمال أي اتنين متجوزين طبيعي إن يكون بينهم مشاكل في بداية حياتهم دورك هنا إنك متهربش تواجه وتبرر مش تزيد الامور طين وتسبها لعقلها وشيطنها يأكدلها ظنونها.
وأشار للزجاجة بتقزز
_وفوق كل ده تسكر بتغضب ربنا عشان بتواجه مشاكل سستم طييعي ودائم في حياة كل البشر يا جمال جاوبني ساكت ليه
وضع عينيه أرضا حرجا منه فأشار باصبعه بتحذير
_دي أول وأخر مرة تعملها سامعني
هز رأسه بتعب جعل جسده يترنح بوقفته غير واعيا لما يصيب معدته من ألما لا يطاق فاستتد على صدر يوسف
_أنا تعبان أوي يا يوسف بطني بتتقطع.
أجابه ساخرا
_من القرف اللي بلبعته.
وأشار لمن يراقبهما
_اسنده معايا ندخله أوضته لما أشوف أخرتها معاكم أيه
أحاطه عمران من جانبه الأيمن خاطفا نظرة سريعة إليه وقال
_فوق يا جمال لازم ترجع بيتك عشان مشاكلك مع صبا متزدش.
مال بجسده على الفراش فجذب يوسف الغطاء وداثره جيدا وعدل من ملابسه الغير مهندمة ليحك أنفه وصوت أنفاسه اللاهثة تعلو
_مرمطة في العيادة وهنا.
ضحك عمران على مظهره المضحك وصاح
_ورايا يا دكتور الحالات المتعثرة.
حرك كتفيه يعدل من قميصه بغرور
_دكتور يوسف أيوب من أكبر دكاترة النسا والتوليد وبتنازل وبتواضع وبعرف اشكالكم المعتوهه وبتعاقب من حرمي دكتورة ليلى أيوب بالطرد لشقة المقاطيع وعادي وزي الفل.
جذبه عمران من تلباب قميصه پعنف
_إنت هتحكيلي قصة حياتك لخص في إم الليلة دي.
تعالت ضحكاته الرجولية بقوة ولحق به للخارج فجلس كلا منهما على الأريكة لاحظ يوسف تسلل الحزن لمعالم عمران فقال وهو يهم لصنع القهوة
_مالك قالب وشك ليه إنت التاني
توترت معالمه فنهض واتبعه ليستند على البار وبتلعثم قال
_يوسف أنا آ..... آآ...
ضيق عينيه الثاقبة إليه فرفع الكوب الفارغ وملعقة السكر إليه
_ولآ.. أنا بخاف من الداخلة دي أقسم بالله لو قولتلي حاجة تنكد لاقټلك إنت والحيوان اللي جوه ده أنا لسه خارج من ولادة طبيعية متعسرة وخلقي في مناخيري.. فانجز وإرمي المصېبة اللي بتحاول تلقيها في وشي من ساعة ما شوفت خلقتي.
وجذب هاتفه وهو يهدده
_اتصل بدكتور علي أقرره ولا هتتكلم.
خشاه عمران فجلس على المقعد بارتباك طرق على كتفه ليجذبه نصفه العلوي فوق الطاولة الرخامية الفاصلة بينهما
_انطق ياض هببت أيه إنت التاني
رفع رماديته بتوتر إليه وردد
_أنا غلطت مع ألكس.
_يوسف أنا آآ...
اتبعه للمقعد المجاور له فجذبه ليجلس قبالته يراقبه وهو يرتشف قهوته بجمود فحاول استعطافه
_يوسف أنا حاولت والله بس صدقني أنا
متابعة القراءة