صرخات انثى بقلم آية_محمد_رفعت

موقع أيام نيوز


كل ما كنت بشوفه هو اللي جنبي على سريري مش إنت!
تلألأت عينيها لټنفجر بدموعها المتحجرة مشيرة برأسها باعتراض متعصب 
_لا يا أحمد مستحيل هسامحك ولا هسمح انك تدخل حياتي وتدمرني تاني. 
وبسخرية اعتلت بسمتها قالت 
_مش بعيد لما أديك فرصة تانية أعجب حد من أصحابك المرادي وألقيك بتسلمني زي ما عملتها قبل كده.

_فريدة. 
طعنت رجولته بكل ما تحمله معنى الكلمة جعلته يرمقها بعصبية بالغة كل لقاء بينهما يجمعهما نفس العتاب لا تمل من ذكر الماضي له على مدار تلك السنوات فخرج عن طور هدوئه حينما صاح بانفعال 
_إنتي ليه متخيلة إنك الوحيدة اللي كنتي بتعاني! فاكرة إني كان عندي رفاهية الاختيار! أنا كل ثانية كنت بفكر فيها إنك معاه كنت بتقتل كل لحظة كانت بتجمعنا مناسبة عائلية كنت بتمنى أتعمي ومشوفكيش معاه انتي مۏتي مرة أنا مۏت ألف مرة وخصوصا لما كان بيجيني خبر حملك. 
برقت بحدقتيها غاضبة تجاهه ظنا من أنه سيخوض بكرهه أولادها فوجدته يخبرها بأعين دامعة 
_متقلقيش أنا كنت فاكر زيك كده إني هكرههم بس لما شلت علي بين ايديا مكنش في عيوني غير الحب والحنان ليه كنت بضمھ ليا وبحاول أشم ريحتك فيه كنت بتمنى إنه يكون مني وإسمي هو اللي ورا اسمه.
واستدار يوليها ظهره يذيح دمعة كادت بڤضح ضعفه أمامها فوجدها تصفق بيدها وهي تدنو لتصبح هي بمقابلته لتشير له ببسمة ساخرة 
_براڤو ابتديت اقتنع إنك الضحېة فعلا ده أنا شكيت إن أنا اللي دوست على قلبك وروحت اتجوزت أخوك ڠصب عنك! 
واسترسلت باستهزاء 
_ما كله كان بالاتفاق يا أحمد باشا ولا نسيت
ابتسم بجابهه برأسه المصلوب وجسده الممشق واضعا يده خلف ظهره وهو يجيبه برتابة 
_لا منستش يا فريدة بس إنت اللي شكلك نسيتي إن أحمد اللي حبتيه عمره ما كان أناني أحمد اللي اختارتيه حبيب من طفولتك كان جواه شرخ كبير وۏجع بيطارده كل ما بيشوف أخواته بيعانوا لمجرد إن أبوه كان بيتسلى في فترة اجازته اللي بيقضيها بمصر فقرر يتجوز واحدة يقعدها مع والده عشان تسليه وقت ما يسيب انجلترا أحمد اللي حبتيه كان بيدفع تمن إنه ابن الزوجة التانية وعاش عمره كله يدفع التمن ده حتى بعد ما مرات أبوه اكتشفت بجوازه فقررت تعيشه هو واخواته في معاناة أكبر ولولا وجود جدي كان زماني أنا واخواتي في الشارع وبعد السنين دي كلها يحسن سالم العلاقة دي ويبتدي اخواتي يعيشوا عيشة طبيعية أجي بانانيتي وأقف واتحداه!
تدفق الدمع على وجنتها لتجيبه بقسۏة 
_لا تسلمه حبيبتك! 
دفنت وجهها بين يديها تذيح دموعها والتقطت أنفاسها وهي تخبره بجمود
_مبقاش له لزمة الكلام دلوقتي خلاص اللي فات مستحيل هيرجع وسالم دلوقتي بين إيدين ربنا. 
ورفعت عينيها إليه تخبره پألم 
_متجنيش على روحك بالانتظار يا أحمد أنا معملتهاش وأولادي صغيرين معنديش الجرءة أعملها وهما رجالة وعلى وش جواز اخرج من هنا اتجوز وخلف وعيش حياتك إنت مش كبير أوي وألف ست تتمناك. 
رنا إليها بانفاسه اللاهثة من فرط غضبه المكبوت 
_مش عايز غيرك إنت عندي بكل ستات الدنيا كلها يا فريدة! قلبي رافض ينبض لغيرك! كل حتة جوايا عايزاك إنت! 
وبرجاء مرهق قال 
_من فضلك إرحميني من الأثم اللي عايش فيه بسببك! 
وتابع في محاولته البائسة 
_علي وعمران بيحبوني وبيحترموني هيتفهموا الموضوع ومحدش هيعارض الجواز ده صدقيني.
انهمرت دمعاتها وهزت رأسها مجبرة لسانها على الحديث پبكاء 
_إنت ليه مش عايز تفهمني أنا مش عارفة أثق فيك تاني يا أحمد 
وإتجهت لأقرب مقعد تجلس عليه حينما اڼهارت قوتها فبكت پانكسار جعله يتابعها پصدمة من سماع كلماتها ليته ماټ قبل أن ټطعنه بكلماتها القاټلة.
تزيد من وجعه مجددا وقد سئم منه الألم وفاق حد تحمله أغلق عينيه بقوة يحاول محاربة ما يعتريه بتلك اللحظة من أن لا يندفع تجاهها ويضمها إليه ولكنه ليس بحاجة لارتكاب هذا الذنب يكفيه أثمه الأعظم بالتفكير بها!
انحنى على الطاولة يجذب علبة المناديل الورقية ثم اقترب يضعها جوارها فسحبت منه تجفف دموعها بينما اتجه للاريكة المقابلة لها يجلس بهدوء رزين وكأنه لم يحاورها بما يؤلمه منذ قليل فحرر زر جاكيته بذلته وإتكأ على ساقيه ناظرا للأسفل وهو يسألها بجمود ارتدى قناعه 
_أخبار الاولاد أيه هما فين من ساعة ما جيت مشفتش حد منهم
وضعت ساقا فوق الأخرى واستعادت جلستها تجيبه 
_عمران في المستشفى وعلي معاه وشمس فوق في أوضتها. 
برق بعينيه بدهشة مما استمع إليه فقال 
_في المستشفى ليه أيه اللي حصل وليه مبلغتنيش! 
أجابته وهي تتحاشى التطلع إليه 
_ألكس حاولت تسمه بعد ما حاول يبعد عنها. 
واستكملت وعينيها تشرد بالفراغ 
_هو كويس دلوقتي الحمدلله. 
استقام بوقفته يغلق زر جاكيته متلهفا 
_في مستشفى أيه أنا هروحله.
_عمي! 
صوتا غامضا اقتحم مجلسهما فاتجهت نظرات أحمد إليه مرددا ببسمته الجذابة وهو يفتح ذراعيه إليه 
_علي حبيبي وحشني أوي. 
مال علي برأسه على كتفه يحجر نظراته الساهمة وحينما أخرجه أحمد من احضانه منحه ابتسامة رسمها بالكد وهو يجاهد ما يعتريه الآن فأجلى صوته بصعوبة 
_وإنت كمان وحشتني أوي بتمنى السفرية المرادي تكون طويلة لإن الوقت اللي بنقضيه مع حضرتك ميتشبعش منه. 
ربت على كتفه بحنان وهو يخبره 
_اطمن عندي شغل هنا مش هيخلص الا بعد كام شهر لإني هفتتح فرع لشركتي مع مؤسسة كبيرة هنا.
كانت نظرات علي مبهمة تجوب والدته تارة وعمه تارة أخرى لدرجة جعلته بتساءل بقلق من صمته الغريب 
_علي إنت كويس
ضم مقدمة أنفه وهو يخرج زفيره 
_أنا بس منمتش كويس هطلع أخد شاور وهرجع لعمران الدكتورة كتبتله على خروج بليل. 
هز رأسه بتفهم وقال 
_اطلع خد شاور وفوق وأنا هرجع الاوتيل هغير وهحصلك. 
اعتلاه الضيق وفاض به 
_المرادي مش هسمحلك تنزل بأوتيل يا عمي وسبق ونبهت على حضرتك أكتر من مرة ومعرفش سبب اصرار حضرتك إنك تفضل باوتيل وبيتك موجود. 
اتجهت عينيه لفريدة التي انقشعت معالمها غاضبا فخشى أن تعود للشجار بينها وبين علي كالمعتاد حينما يصر بجلوسه هنا فقال برزانة 
_معلش يا علي سبني براحتي أنا برتاح في الاوتيل. 
تلك المرة كان مصر اصرارا غريبا فقال وهو يدنو من الدرج 
_مش هيحصل هطلع حالا أغير وأجي مع حضرتك تجيب الشنط قبل ما نروح المستشفى. 
وتركه بتطلع لأثره وصعد للأعلى فدمت فريدة شفتيها بغيظ مما يحدث لها ولكنها لم تكن تحمل طاقة الشجار والحديث يكفيها كل تمر به بداية من يومها العصيب.
وجدها أحمد صامتة مستكينة على غير عادتها فدنى يجلس جوارها وهو يهمس بصوته المنخفض 
_متقلقيش هقنعه واحنا في الطريق ومش هخليه يعمل كده. 
رفعت عينيها إليه بارتباك إلتمسه برفرفة جفونها فجاهدت لخروج كلماتها الثقيلة 
_ل... لأ.. تعالى اقعد هنا... آآآ... أنا محتاجة لوجودك الفترة دي. 
وسرعان ما بررت حديثها وهي تنهض من جواره 
_عمران مشاكله كترت وأنا وعلي مبقناش قدرين نحل معاه هو بيحترمك وأكيد هيسمع منك. 
نهض ليقف على محاذاتها مرددا بفرحة وكلمات تنبع من صمام قلبه 
_أنا جنبك ومستحيل أتخلى عنك لأخر نفس خارج مني وقولتلك قبل كده يوم ما تحتاجيني هتخلى عن دنيتي كلها عشانك يا فريدة.
ابتلعت ريقها بتوتر جعلها تتهرب من أمامه مرددة بتلعثم وهي تتجه للمصعد 
_عن إذنك.. هطلع أشوف شمس. 
ابتسم وهو يراقب دلوفها للمصعد فمنحها نظرة أخيرة قبل أن ينغلق الباب بينهما فصعدت عينيه عليه وهو يصعد بها للطابق الثالث فابتسم هامسا 
_اهربي على قد ما تقدري أنا مش بمل ونفسي أطول مما تتخيلي! 

ألقى بجسده أسفل الدوش مستخدما المياه الباردة عوضا عن الساخنة بمثل هذا الطقس عل تلك البرودة تشل عصبة تفكيره.
فتح علي عينيه على مصرعيها وهو ينهج بصعوبة أسفل المياه ليردد پصدمة مازالت تستحوذ عليه 
_معقول عمي وماما!!!
أغلق عينيه بقوة تحرر تلك الدمعة التي أججت حدقتيه يتذكر كيف جلدته سماع حديثهما دون قصدا منه بعدما استأذن بالانصراف من المشفى ليبدل ملابسه ويخبر مايسان بأن تحمل ملابس نظيفة لعمران بعد أن أكدت الدكتورة ليلى خروجه فما أن ولج الداخل حتى سمع صړاخ والدته القادم من غرفة الصالون وكلما خطى لمعرفة ما أصابها كانت تتوقف قدميه غير قادرا على استكمال طريقه صدمة مما يستمع إليه وخاصة حينما فاض عمه بما كبت داخله.
كان يشك بأن هناك شيئا يخفيه عمه وراء نظرات حنانه له ولوالدته وظل سبب عذوبيته لتلك السنوات السر الأعظم بين طوائف العائلة والجميع يجزم بأن هناك سيدة تحتل قلب عمه الغالي وها هو الآن يعلم عن تلك السيدة ما يجعله يئن ۏجعا!
لم يرفض قط أن ترتبط والدته مجددا خاصة بأن أبيه توفى وتركها صغيرة للغاية تحتمل مسؤولية ثلاث أطفال بمفردها تذكر كيف تقدم لخطبتها أبناء عم أبيه حتى أخوه الشقيق القابع هنا بانجلترا ولكنها رفضت الجميع وبالرغم من انزعاجه صغيرا الا أنه تمنى من كل قلبه أن تقبل عرض زواج عمه أحمد حينما طالبها بذلك.
الوحيد الذي تمناه أبا له ولكن مع رفض والدته تيقن بأنها لا تود الارتباط مجددا ومع ذلك كلما تقدم أحد لخطبتها كان يحاول اقناعها بذلك معللا بأن لا تشعر نفسها بذنب مسؤوليتهم فلم يعدوا أطفالا صغارا.
خرج علي من الحمام متجها لخزانته بآلية تامة فجذب الملابس يرتديها شاردا فإن كان لا يحتمل لوعة حب فطيمة لعام واحد كيف تحمل عمه كل تلك الأعوام!! 
بالطبع إنه لعاشق وقد فاق عشقه ما استشهدته قصص العشق بالاساطير يعلم بأن ثمة ۏجعا داخله تجاه أبيه الذي عاش مع امرأة كان قلبها لاخيه ولكن ما فائدة العتاب والافتراضات لقصة انتهت منذ أعوام.
أغلق جاكيته الجلد الأسود ومشط شعره وهو يردد باصرار 
_أنا اللي هجمع بينكم من تاني وعد! 

وضعت هاتفها جانبا بعدما قامت بوضعه صامتا أمام نظرات والدتها المتفحصة لها والاخيرة تمرر عينيها ببطء عليها في محاولة لفهم ما يحدث مع ابنتها الصغرى فعاد الهاتف يضيء من جديد حتى وإن كان صامتا فلمحت فريدة اسم المتصل والاخيرة تنهي الاتصال فقالت بشك 
_إنت اتخانقتي مع راكان 
هزت رأسها نافية فعادت فريدة لسؤالها من جديد 
_طيب ليه مش بتردي على مكالماته 
ابعدت شمس غطاء الفراش عنها ثم زحفت حتى وصلت لاخر الفراش تخبرها بتوتر 
_مامي أنا مش مرتاحة لراكان ولا قادرة أحبه ولا أتقبله في حياتي حساه مختلف عني ومفيش بينا حاجة مشتركة وآ.. 
قاطعتها فريدة بصرامة 
_كل ده قدرتي تحدديه من شهر خطوبة! 
ونهضت عن الفراش تصيح بها بعصبية كانت تشتعل داخلها قبل الصعود لها 
_بلاش دلع وكلام ماسخ إنت مش هتحكمي عليه من 30يوم! أنا فاهمه وواعية أكتر منك ومتأكدة من اختياري راكان شخص لبق ومناسب جدا ليكي. 
وجذبت هاتفها الموضوع على الكومود تعيد فتحه ثم قدمتها لها پغضب 
_دلوقتي حالا هتكلميه وهتعتذري عن عدم تقديرك لمكالمته ومش عايزة أسمعك بتقولي الكلام العبيط ده تاني سامعة 
هزت رأسها وهي تكبت دمعاتها بصعوبة ففتحت الهاتف تجيب على رسائله
 

تم نسخ الرابط