صرخات انثى بقلم آية_محمد_رفعت
المحتويات
فاقتربت منه تمسك يده الحاملة لدبلته الفضية حول اصبعه تغمس أصابعها بدبلتها الذهبية ورددت بصوت محتقن
_أنا آسفة يا يوسف.. حقك عليا.
أغلق عينيه بقوة وفرد أصابعه لتتلاشى عن أصابعها وقال ومازالت عينيه تتأمل الطرقة الفاصل بين عيادتها وعيادته
_بالبساطة دي! أنا بقالي شهور بفكر أحققلك حلمك ازاي وبسعى وبتعب عشان أشوف ابتسامتك وبالنهاية أطلع حاقد على نجاحك!
_عشان خاطري سامحني أنا كنت غبية أنا عارفة إنك بتحبني ومستحيل أهون عليك.
بقى ثابتا لم يرف له جفنا تأثرا بها وقال
_عايزاني أسامحك
رفعت عينيها المتلهفة إليه وأومأت برأسها عدة مرات فقال بجمود تام
_تتخلي عن شغلك عشاني موافقة
أسبلت ليلى بعينيها وهي تعود لسؤاله ببسمة تعكس مدى ارتباكها
_إنت بتقول أيه
لم تلين نظراته تجاهها فبقى صامدا لا يعلم اللين طريقه لوجهته ليردد بخشونة
_زي ما سمعتي مستعدة تسيبي شغلك عشان جوزك وبيتك يا دكتورة
_عشر شهور قضيتهم بتجهيز المكان ده وكل ده علشان أشوف الابتسامة على وشك.
وسحب عسليته إليها ليردد بتهكم
_بالرغم من إن عيادتي محتاجة تجديدات وبالرغم من إني عارف إنك هتنشغلي أكتر بعد ما أفتحلك العيادة دي بس مفيش شيء همني أكتر من نجاحك.
وابتسم متابعا بسخرية
قطعت مسافتهما القصيرة بينهما لتتمسك بيده قائلة بخفوت وتوسل
_يوسف متعملش فيا كده عشان خاطري إنت عارف أنا بحبك أد أيه وآآ..
انهى محاولتها الفاشلة لاستمالته حينما قال بصلابة
_وفري محاولتك لإن مفيش شيء هيمنعني ودلوقتي القرار ليكي يا دكتورة.
وأشار بأصبعه على اللافتة المضيئة بإسمها
وتركها تتأمله پصدمة وإتجه للشقة المجاورة لها القابع بداخلها عيادته الخاصة وضع مفتاحه بالباب وكاد بأن يحرر قفله الموصود ولكنه تفاجئ بها تحتضنه من الخلف وهي تردد پبكاء
_متبعدش عني يا يوسف أنا مش عايزة غيرك.
وما أن استدار إليها حتى قالت پانكسار ودموعها لا تتراجع عنها
_حاضر من بكره هقدم استقالتي ومش هنزل المستشفى تاني بس خليك جنبي متسبنيش.
_أنا بحبك.. بحبك أكتر من نفسي ومن شغلي ومن كل شيء أنا كنت أنانية وظلمتك معايا أنا أسفة.
رفع يده على حجابها يقربها من صدره بقوة والابتسامة تتسلل لشفتيه براحة كسرت خوفه من سماع اختيارها لا يعلم كيف كان سينتظر لسماع ردها فكأنما علمت بمعانته وقررت البوح له بنفس ذات اللحظة عن قرارها ضمھا يوسف إليه بقوة ومازال يقف بها بالطرقة الفاصلة بين العيادتين فوجدها تذوب بين ذراعيه طالبة وصاله بعد فترة الهجر بينهما وإن كانت قصيرة!
حملها وولج بها لعيادتها فأغلق بابها بقدميه وولج بها لاحد الغرف المجهزة لاستقبال الحالات بعد الخروج من الجراحة فكانت تحوي فراش وكومود طبي وصالون وحماما خاص.
كل لحظة قضاها برفقتها كانت تعتذر له باكية ويزيح دموعها بحنان حتى غفت بين ذراعيه فضم غطاء الفراش عليها وبقى شاردا يتأمل ملامحها بعشق جارف يختزل قلبه حزنا كبيرا وهو يتأمل وجهها المحتفظ بأثر البكاء ويدها الموضوعة فوق صدره مستهدفة موضع قلبه.
رفع يدها إليه يقبلها وهو يهمس بۏجع
_أنا أسف يا ليلى كان لازم أعمل كده عشان متكررهاش تاني!
ووضع يدها أسفل الغطاء ثم حمل بنطاله وقميصه وإتجه لحمام الغرفة يغتسل وحينما انتهى إتجه لغرفة مكتبها فبحث عن ورقة وقلم ودون لها رسالة ثم عاد لغرفتها فجلس جوارها يمرر يده على خصلات شعرها المفرود بعشوائية وابتسامته لا تفارق وجهه بينما عينيه تراقب ملامح وجهها بحب.
نهض يوسف تاركا الورقة على الوسادة المجاورة لها ثم غادر متوجها لعيادته الخاص ليبدأ باستقبال أول حالاته.
اجتمع الجميع حول مائدة الطعام فخطفت فطيمة نظرة مرتبكة إليهم كانت شمس تلتقط الجبن بشوكتها وتقطعه بالسکين ثم تتناول القطعة الصغيرة بشوكتها وهكذا تفعل مايسان وأحمد الجالس على مقدمة الطاولة وتقابله فريدة بالجهة الأخرى ارتبكت فطيمة وهي تتأمل طبقها بتوتر هل يحتاج الأمر كل تلك المعاناة لتناول قطعا من الجبن!
اعتادت تناول طعامها بالخبز وما يحدث يثير ريبتها تخشى أن تقلدهما فيسوء الأمر وتخشى ان تلتقط شطيرة التوست فتحصل على ازدراء الجميع!
راقب علي توترها وكان عاجزا عن مساعدتها لا يعلم ماذا يتوجب عليه فعله! بينما كان عمران الأسرع بتدارك الأمر عن أخيه وزوجته فجذب الشطيرة ثم غمسها بالخبز فنالته نظرة غاضبة من فريدة لتصيح به
_عمران أيه الطريقة المقززة دي!
رسم بسمة واسعة وأجابها وهو يلوك طعامه بتلذذ
_فريدة هانم إنت عارفة دراعي التاني مش قادر أحركه هعمل أيه يعني أموت من الجوع مثلا!
منحته نظرة غاضبة وهي تعلم غرضه من فعل ذلك بعدما كانت تستلذ بمراقبتها پشماتة وتترقب أن تفعل أي شيئا لتبدأ بمضايقتها.
ابتسم أحمد وهو يراقب ما فعله عمران فترك شوكته وجذب طبق التوست يغمسه بالجبن ويتناوله بسعادة
_تصدق يا عمران الفطار ميحلاش غير بالغموس!
ضحكت مايسات وأبعدت عنها الشوكة ثم جذبت العسل والشطيرة وتناولت طعامها مثلما يفعلون فصاحت بها فريدة بعصبية
_مايا أيه اللي بتعمليه ده فين الاتكيت!!
هزت كتفيها بقلة حيلة فتعالت ضحكات عمران بمشاكسة وكأنه حرر أول الفتيل وترك لهم الباقية قرب علي من فطيمة طبق الخبز وجذب أحدهم ثم فرد بالسکين الجبن ليتناوله ببسمة مكبوتة على وجه والدته الأقرب للانفجار.
شعرت فطيمة بالألفة بينهم فعلى تعلم بأن عمران وأحمد والجميع قد فعل ذلك لأجلها حتى لا تتعرض للاحراج بينهم شعرت وكأن الله قد من عليها ليمنحها عائلة بين ليلة وضحاها فجذبت الخبز من علي وتناولته على استحياء متحاشية التطلع لفريدة التي تحاول التنفس بصورة طبيعية قبل أن ټنفجر بمحلها وخاصة حينما وجدت شمس تبعد طبق السلطة عنها ثم جذبت الخبز وبدأت تقلدهم ببسمة واسعة فألقت فريدة منديلها الورقي على الطاولة ورددت بغيظ
_أنا مستحيل هأكل معاكم على سفرة واحدة بعد النهاردة بقيتوا مقززين!
وتركتهم وصعدت للدرج وقبل أن تنجرف لغرفتها تسلل إليها أصوات ضحكاتهم الصاخبة فور مغادرتها فاتجهت للسور الحديدي لتراقبهم بنظرات مشټعلة وخاصة حينما استمعت لاحمد يقول بمرح
_تحسوا الجو بقى نقي أكتر من الأول صح
ضحك علي وهو يشير له بحذر
_لو سمعتك هتتعاقب يا باشا الله يكرمك خلينا نكمل فطارنا على خير.
رد عمران بغمزة مشاكسة
_عمك مش ببهمه حد صح يا وحش
ضحك وهو يغمس العسل ويلتهمه مرددا بمزح وهو يلعق أصبعه الحامل لبقايا العسل
_ أمك لو شافتني بعمل كده هتطردني وهتطردكم ورايا!
ضحكت مايا وقالت
_أنا مش متخيلة شكلها لو شافتك بتعمل كده يا أنكل.
أضافت شمس بتقزز
_أنا قرفت بصراحة كل يوم سلطة وروتين أكل ممل يا رتنا عملنا كده من زمان!
قال عمران وهو يتطلع لفطيمة التي تراقبهم ببسمة صغيرة
_يا ريتك اتجوزت من زمان يا علي لإن الظاهر كده إن جوازك بداية التغير هنا!
ارتشف قهوته وأجابه
_حملك عليا يا عمران هتحدف كل حاجة عليا أنا مش ناقص الله يكرمك.
وقف أحمد وردد ببسمة هادئة
_أنا الحمد لله شبعت هستناكي بره يا مايا عشان منتاخرش على الشركة.
وتابع بسخرية
_كنت فاكر إني هربت من مطحنة الشغل اللي في مصر جيت لقيت شركة عمران في انتظاري!
رد عليه ببسمة هادئة
_هتتردلك يا عمي.
وتابع بخبث
_الله أعلم يمكن تأخد اجازة كبيرة عشان تتجوز مثلا وتقضيلك شهر كامل ساعتها مش هتلاقي غيري يشيل الليله.
زوى حاجبيه بدهشة
_جواز أيه!
تنحنح علي وهو يسدد نظرة قاتمة لاخيه
_متأخدش في بالك يا عمي إنت عارف إن عمران بيحب يهزر.
أزاح بالمنديل بقايا الطعام عن شفتيه وقال ببسمة ماكرة
_أنا قصدي إن في الشركة عندنا مزز هتخليك تغير رأيك وهتفكر جديا بالارتباط يا عمي مش كده يا مايا
هزت رأسها بتأكيد فقال
_ابقي عرفيه على مدام أنجلا لسه متطلقة من شهرين بس أيه يا عمي مزة تحل من على باب المشنقة.
مسح علي وجهه بغيظ بينما هز أحمد رأسه بمرح
_وماله نتعرف منتعرفش ليه يمكن على رأيك نفكر نرتبط!
قالها وعينيه مسلطة على ظلها الڤاضح لوقوفها بالأعلى فخدمه عمران خدمة يستحق لأجلها الكثير لا يعلم بأنه يحاول الآن مساعدته بعدما ڤضح أمرهما!
جذبت مايسان حقيبتها واتجهت لعمران تخبره
_أنا مش هتأخر في شوية أوراق واقفين على توقيعك هجيبهم وأعرف أنكل أحمد على الموظفين وأقدمله ملفات أخر صفقات للشركة وهرجع على طول.
منحها ابتسامة جذابة وهمس لها بحب
_خلي بالك من نفسك ومتتأخريش عليا عشان بتوحشيني.
رمشت بعدم تصديق وانجرفت بعينيها لفطيمة وشمس وعلي ثم عادت ټطعنه بنظرة خجلة من وقاحته فحملت الحقيبة وغادرت على الفور بينما ردد علي بضيق
_متبقاش عمران أخويا الوقح لو محرجتش البنت قدامنا كلنا!
تعالت ضحكاته واستدار يغمز له بتسلية
_أنا مش عارف إنت مركز معايا ليه ما تركز مع مراتك يا دكتور.
اتجهت نظرات علي لفطيمة بخبث فابتلعت الطعام بارتباك جعلها تسعل بقوة فجذب علي كوب المياه وقدمه لها ارتشفته ومنحته بسمة شاكرة أشار لها علي على شفتيها فعلمت بأنه يقصد أن هناك بقايا الجبن فحاولت ازاحتها بالمنديل الورقي وحينما فشلت مد إبهامه يبعد الجبن عن شفتيها فقدمت له فطيمة منديلا ليزيل الجبن عن اصبعه فتفاجئت به يضعه بفمه ويستلذ بتناوله خفق قلبها پعنف وجهها يصطبغ بحمرته بدرجة جعلتها تلتهي بتناول الطعام رغم أن معدتها قد امتلأت فكبت علي ضحكاته وهو يراقبها باستمتاع.
نهضت شمس تجذب كتبها لتواعهم ببسمة رقيقة
_يدوب الحق المحاضرة أشوفكم بعدين.
ووجهت حديقها لفاطيما قائلة
_مش هتأخر عليكي يا بطوطكلها ساعتين تلاتة وهرجعلك هوا.
منحتها بسمة هادئةقائلة
_ربنا معاك يا حبيبتي.
غادرت شمس لسيارتها بينما أشار علي لعمران بتعصب وهو يتفحص هاتفه
_انجز قبل ما الدكتورة توصل..ما أنا بقيت ممرض جنابك.
قال وهو يلوك ثمرة من التفاح باستمتاع
_مش عارف مالي حاسس بنفس مفتوحة كده تفتكر ده تأثير الحرية ولا الهوا النقي!
كز على أسنانه بغيظ
_إنت مش ناوي تجبها لبر أنا عارف!
فتحت عينيها بتكاسل ويدها تمر جوارها باحثة عنه نهضت ليلى تبحث عنه بفزع فلم تجده بالفراش تطلعت تجاه باب الحمام الموصود ونادته بقلق
_يوسف!
تأكدت بأنها بمفردها فضمت ساقيها لجسدها وبكت پصدمة كل ما يشغل عقلها بتلك اللحظة بأنه تخلى عنها ولم يقبل إعتذارها!
حانت منها نظرة جانبية لمكانه الدافئ فوجدت ورقة مطوية تحتل وسادته جذبتها وفتحتها بلهفة فوجدته كتب لها
قومي يا دكتورة خديلك شاور وانزلي المستشفى أنا كلمت المدير وإستأذنتلك في ساعتين ده اللي قدرت عليه مقبلش أشوفك عايشة من غير روح يا ليلى وشغلك ده روحك وحياتك هحاول أخلص شغل العيادة النهاردة بدري عشان تخرج نتعشى بره مع بعض... بحبك.. يوسف
ضمت الورقة لصدرها والابتسامة تعاكس دموعها التي لا تستطيع التوقف بعد كل ذلك
متابعة القراءة