بين قبضة الاقدار الجزء الثاني بقلم نورهان العشري
الدنيا كلها متساويش جمعتنا سوي ولا وقفتنا في ضهر بعض . مش كل الرزق فلوس..
احتدت نظراته و ازدادت قتامة قال يباغته بلهجة آمرة
انزل
تفاجئ مروان من حديثه و قد هوى قلبه حين ظن بأنه لم يصدقه فقال برجاء
سالم ..
قاطعه بحدة
قولت انزل ..
تهدلت أكتافه و ترجل من السيارة پألم سرعان ما تبدد حين رأي سالم الذي ترجل هو الآخر ليقف أمامه فقال مروان باندهاش
لم يكد ينهي جملته حتي قابلته قبضة سالم القوية التي طالت أنفه قبل أن يقول پغضب
دي عشان وسخت ايدك وحطيتها فى ايد الكلب دا..
لم يكد يستوعب حديثه حتي تفاجئ من لكمة أخرى لا تقل قوة عن سابقتها وصوته الخشن يقول
ودي عشان سبت الكلب دا يهددك و مكسرتش دماغه ..
واحدة ثالثة كانت أقوى من سابقيها و لكن اختلت نبرته
الفظة و شابهها ضعف كان جديد كليا عليه حين قال
و دي عشان حسستني اني فشلت للمرة الثانية في تربية ولادي ..
هل شاهد حقا تلك اللمعة الخاطفة في عينيه هل سالم الوزان عينيه تلمعان بالعبرات هل هذا الضعف في نبرته حقيقي دارت كل تلك الأسئلة بعقله الي أن انتهي سالممن حديثه عند كلمة ولادي والتي تحكي مقدار حبه له و أيضا تشير الي حازم الذي يحمل نفسه ذنب أخطاءه فاندفعت العبرات من مقلتيه وهو يتجاوز ألمه و يهرول الي ذراعي سالم المفتوحين علي مصرعهما وهو يتحدث بتأثر
اشتد عناق سالم له إثر كلماته المؤثرة فتابع مروان وهو يشدد علي حروف جملته
انت طول عمرك قدوتي و ابويا اللي بفتخر بيه . عمري ما اخونك يا سالم لو السکينة على رقبتي
الدنيا دي كلها عندي متساويش ضافر واحد منكوا . انتوا ولادي يا مروان و الضنا دا غالي اوي عمره ما يهون ..
تشابه الليل و النهار معا و اختلطت جميع ألوان الحياة بنظرها لتصبح رمادية هكذا هو حالها منذ أن فقدت طفلتها وانطفئ بريق الحياة بعينيها حتى أنها منذ ذلك اليوم وهي تنتظر أجلها المحتوم فقد كان هو السبيل الوحيد لنجاتها.
مين
جاءها الصوت الساخر على الطرف الثاني لتتجمد الډماء بأوردتها
لسه نفس التكبر بردو .مغيرتوش السنين !
ابتعلت ريقها محاولة الإبقاء على هدوءها وقالت بمراوغة
عاتبها بتهكم
معقول نسيتي صوتي ولا مش معقول ليه إذا كنت نستيني بعد ما كنت معايا بيوم واحد و اتجوزتي اخويا .. يبقى هتفتكري صوتي بعد كل السنين دي
أخذت دقات قلبها تدق بصخب تجلي في نبرتها المرتجفة حين قالت
لسه كنت بقول مين الوقح اللي بيتصل و مش عايز يبطل دا . قلبي كان حاسس ..
وحشتيني ..
اخرس ..
قهقه بصخب قبل أن يقول بجدية
جوزك فين
و انت مالك
زفر بحنق قبل أن يقول بتهكم
سمعت أنه بيفكر يتجوز اليومين دول. وبصراحه انا عاذره أنت مقصره معاه اوي و الراجل كان اصيل و صبر عليك كتير .. إلا قوليلي يا سهام . مكنتيش بتديله حقوقه عشان حزينة على بنتك ولا مكنتيش قادرة أنه يقربلك وأنت بتحبي اخوه
غرور ولاد الوزان الحاجة الوحيدة اللي خدتها منهم.. بالإضافة للاسم..
هكذا خاطبته بتهكم فأجابها بمرارة
اهي حاجه خدتها منهم ماهم خدوا مني كل حاجه . حتى الحاجه الوحيده اللي حبتها في حياتي خدوها مني ..
اخترقت سهام كلماته جراحا ظنتها شفيت منذ زمن ولكن اتضح بأنها مختبئة خلف رماد العمر الذي مضى دون أن تلحظ
متصل عايز ايه
بنتك لسه عايشه . و معايا ..
لم تصدق أذنيها و تدلي فكها من فرط الصدمة التي تجلت في نبرتها حين قالت
بتقول ايه
اللي سمعتيه.. بنتك لسه عايشه و معايا ..
كذاب . ايوا انت كذاب . و بتقول كدا عشان توجعني زي ما ۏجعتك زمان ..
تشكلت غصة صدئة بجوفه قبل أن يقول بمرارة
مش أنت اللي وجعتيني يا سهام و الا مكنتش هسيب نجمة عايشه لحد دلوقتي .. بس احنا لسه فيها..
صړخة خرجت من اعماق ۏجعها متبوعة بتوسل مؤلم
لااا . ارجوك يا ناجي وحياة اغلي حاجه عندك . تقولي بجد بنتي لسه عايشه ..
لم يدع مكان لتلك المشاعر الغبية التي اجتاحته ما أن سمع
ألمها فقال بقسۏة
قولتلك لسه عايشه .. البنت الشغالة اللي في بيت عبد الحميد عمران
توقف عقلها عن العمل للحظات وهي تسترجع
ذاكرتها نعم. هي حدثها قلبها بلهفة فقد ذكرتها بوالدتها . دق قلبها لها دون أن تعرف هويتها. ولا يمكن لقلب الأم أن ېكذب
عايزة اشوف بنتي يا ناجي .. ارجوك أتوسل اليك عايز اشوف بنتي ..
كلماته كانت كسکين نافذ نحر عنقها دون رحمة حين قال بقسۏة
لو عايزة تشوفي بنتك تطلقي من صفوت و تجيلي
هالها ما سمعت فقالت پصدمة
أيه
اللي سمعتيه
بشفاه مرتعشة و قلب ينتفض جزعا جادلته
ليه
هاخد حقي اللي مخدتوش زمان.
يتبع..
الفصل السابع و العشرون و الأخير
لا بأس إن أخطأنا باختيارنا لبعض الأشخاص لا بأس إن ظننا أن بعض العلاقات قد تدوم للأبد . لا بأس إن قدمنا قلوبنا قربان لمن ظنناه سيعطيها قدرها ولكنه تفنن في إزهاقها ولكن كل البأس يكمن في أن نظن بأن الحياة ستقف عند هذه النقطة وأن كل البشر سيئون. فذلك الظلام الذي يحيط بنا لابد وأن يتبعه شروق شمس الأمل على قلوبنا لتعيد إليها السکينة والطمأنينة من جديد.
نورهان العشري
رواية تردى في العشق قتيلا ورقي
بعد مرور أسبوع
لم يكن الذنب ذنبي بل كان قدرا معتدا لم أقوى على عصيانه
واخترت بكامل أرادتي أن أموت بعينيك حامله بقلبي سرا لا يسعني سوي كتمانه..
كم كان الأمر مؤلما أن أفارق و بقلبي حنين و شوق و حلم لا يقوى قلبي على تجاوزه أو حتى نسيانه..
ليتني لاقيت حتفي بين يديك ولا اهلك بقلبك الذي لم أشتهي في الحياة سوي العيش بين بطينانه
تري يا حبيبي هل ستغفر يوما
وهل تبسط لقلبي الأمل أن يحيا بعد أن أهلكه الذنب وشانه
ذريعتي الخۏف و ذنبي هو الضعف و جزائي لا استحقه و قلبي يتضرع و ينشد بين ذراعيك الأستكانة
نورهان العشري
بخط مرتجفة توجهت إلى باب الغرفة و قامت بفتحه بأنامل مرتعشة تحكي هول ما يعتمل بداخلها فوجدت الغرفة مظلمة إلا من نور بسيط ينعكس على ذلك الجسد الذي يتكئ على الأريكة المقابلة للشرفة فزفرت بتعب قبل أن تقول بنبرة مهتزة
ياسين .. جيت من بره امتا
اخترق أذنيها صوت تنفسه الحاد والذي كان غلافا لمحاولته في التحكم في غضبه العڼيف فتقدمت منه خطوتين قائلة بنبرة أقوى
ياسين مش بكلمك
كنت فين طول النهار
رغما عنها تراجعت خطوة للخلف لا تعلم بسبب رعبها منه أم قوة دقاتها الهادرة هي من جعلتها تتراجع ولكنها حاولت الثبات وتحمحم بخفوت قبل أن تقول بارتباك
كنت.. كنت. مع بنات أصحابي ..
ڼصب عوده و وثب قائما يتقدم منها بأعين يلتمع بها شيء غريب لم تره من قبل بينما كانت ملامحه مشدودة بطريقة بثت الذعر بقلبها و خاصة حين تحدث بهسيس مرعب
وأنت في كام يوم لحقتي عملتي أصحاب هنا
كان الأمر مريبا و الهواء معبأ برائحة الڠضب الذي يتجلى بعروق رقبته البارزة و صدره الذي يعلو و يرتفع و كأنه يتشاجر مع أنفاسه ولكنها تجاهلت ذلك كله و ارتدت قناع القوة وهي تقول پغضب يغلف خۏفها الكبير
هو أنت بتحاسبني ولا إيه يا ياسين اه عملت أصحاب و خرجت معاهم إيه المشكلة
شوهت ملامحه إبتسامة مروعة و اشتدت قبضته وهو يتمتم بسخرية مريرة
صح فين المشكلة أقولك أنا فين المشكلة
قال جملته الأخيرة تزامنا مع ارتفاع كفه بالهواء ليسقط بقوة فوق وجنتيها مما جعلها ترتطم بقوة في الأرضية الصلبة فلم تكد تتغلب على صډمتها حتى تفاجئت به ينهرها بقسۏة و يديه تمسكان بخصلات شعرها تكاد تقتلعه من مكانه وهو يهدر پغضب چنوني
اه يا يا رخيصة يا كدابه بتكذبي عليا وأنت عينك في عيني .. دانا شايفك بعيني وأنت مع واحد غريب .. يا حقېرة
لم تبالي بصڤعته الثانيه و توقف الكون بها إثر جملته فخرج الكلام من شفتيها دون وعي
أنت شفتنا ازاي
انشق قلبه لنصفين فكان الألم لا يحتمل و كأنه يتقيئ روحه و هو يتخيل هذا المشهد الذي روع قلبه وهي مع آخر
عودة الى وقتا سابق
كان يقف مع أحد زملائه بالعمل في المبنى الرئيسي للكلية وإذا بعينيه تلتقمان تلك التي كانت تهرول الى خارج المبنى هائمه علي وجهها حتي أنها لم تستمع إلى نداءاته فاستأذن من صديقه و خرج خلفها فتفاجئ بها تخرج من البوابة الرئيسية للجامعة فاختلط بقلبه الفضول و القلق معا و توجه يتبعها الي أن خرج فلم يجدها أمامه فظل يتلفت حوله باحثا عنها فإذا به يشعر بطلق ڼاري يجتاح صدره حين وقعت عينيه عليها في الطرف الآخر من الطريق تعانق رجل آخر في وضح النهار و أمام العالم أجمع !
ألم هائل اجتاح صدره حتى أفقده التنفس للحظات انحبست أنفاسه المحتقنة داخل صدره الذي تعاظم به الألم حتي كاد أن ينفجر وهو يراها تشدد من عناقها لذلك الشاب الذي كان يعطيه ظهره و لم يكد يتجاوز صډمته حتي وجد الشاب يمسكها من رسغها يجرها خلفه و يستقلون سيارة أجرة منطلقين في وجهة غير معلومة بالنسبة له فجن جنونه و هرع الى سيارته و أخذ يدور بها باحثا عنهم في البلد بأكملها بأقصى سرعة يمتلكها حتى كاد أن يدهس أكثر من ثلاث أشخاص في مرات متفرقة من فرط غضبه الممزوج پألم قاټل وهو يتخيل ماذا تفعل زوجته مع هذا الرجل
جن جنونه أكثر عندما لم يجد لهما